الحل السياسي والأزمة الاقتصادية
أديب خالد أديب خالد

الحل السياسي والأزمة الاقتصادية

الحل الاقتصادي ربما هو ما يتطلّع إليه جميع السوريين وخاصة أصحاب الأجور من عمال وموظفين سواء كانوا بالقطاع العام أو الخاص، فهم وحدهم من تحملوا وزر الأزمة ووزر سياسات الفساد والليبراليين، عدا ما تعرضوا له من إرهاب وقتل وتهجير ونزوح ضاعف من معاناتهم الاقتصادية أكثر فأكثر.

والسؤال الذي يتبادر لأذهان هؤلاء اليوم، ما فائدة الحل السياسي للأزمة وهل سينعكس على معيشتنا وأجورنا أم سنبقى على ما نحن عليه من فقر؟؟ وقتها ما الفائدة من الحل السياسي وانفتاح الدول علينا وإعادة علاقاتنا الاقتصادية مع الدول الأخرى.
من الطبيعي أن يتساءل هؤلاء عن مصير مستقبلهم وحياتهم وأن يهتموا بلقمة عيشهم أكثر من الاهتمام بباقي قضايا الحل السياسي من دستور وانتخابات ومصالحة وطنية على أهميتها طبعاً، لأن العامل الاقتصادي بات ضاغطاً بشكل كبير على حياة ومعيشة ملايين السوريين وفي مختلف مناطق النفوذ وجعل من الصعب على المواطن أن يفكر بغير قضاياه المعيشية، ولأن وسائل الإعلام كانت دائماً تردّد أن تردي الأوضاع المعيشية ليس سببها السياسات الليبرالية للحكومات السورية المتعاقبة منذ عام 2005 بل الأمور كانت تسير بنحو جيد إلى أن جاءت المؤامرة الكونية وعرقلت مسيرة التطور والنمو التي كانت تسير حسب زعمهم وأن كل ما تعرضنا له يعود لأسباب خارجية!!!،غير معترفين بأن السياسات المتبعة في الداخل وخاصة الاقتصادية منها عجّلت بانفجار الأزمة وأن الاستمرار في تطبيقها عمّق أكثر من آثار الأزمة وجعلها أكثر إيلاماً خاصة بالنسبة لأصحاب الأجور.
بينما طبقة التجار والمستثمرين والمضاربين والفئة المحظية والتي يمنع الاقتراب من أرباحها، فهؤلاء يجب أن ترفع لهم القبعة لأنهم استطاعوا تأمين انسياب المواد والسلع الغذائية إلى السوق السورية دون انقطاع (بالرغم من عدم قدرة العامل على شرائها) وتحمّلوا وزر العقوبات، وأصبحوا أبطالاً تجب مكافأتهم على مواقفهم الوطنية والشجاعة بغض النظر عن استغلالهم لأصحاب الأجور وتحكمهم برقاب العباد ولقمة عيشهم وشفط إنتاجهم وأجورهم من خلال رفع الأسعار المستمر وأن الحل السياسي سيكون بالضد من مصالحهم.

رب ضارة نافعة

ولكن إطالة عمر الأزمة السورية ورغم أنه كان كارثياً على الشعب السوري إلا أنه فضح ادعاءات البعض ورفع خلال السنوات القليلة الماضية قضية الأجور والأرباح على السطح وطغت الأزمات الاقتصادية على باقي الأزمات واختفت الثنائيات الوهمية والاصطفافات الكاذبة، حيث لامس أصحاب الأجور كيف يتم نهبهم وفي مختلف مناطق النفوذ وشاهدوا بأم أعينهم كيف يسرق تعبهم وإنتاجهم لصالح قلة قليلة متحكمة بمعيشتهم.
ولكن قبل كل شيء لا يوجد حل اقتصادي للأزمات الاقتصادية، بل من خلال حل سياسي يمهد للتغيير الجذري والشامل ويمهد لتغيير موازين القوى في المجتمع من خلال إعطاء أوسع الحريات للمجتمع وخاصة لأصحاب الأجور الذي سيفرض عليهم أن ينظموا أنفسهم للدفاع عن قضاياهم، فليس هناك من فانوس سحري أو سوبرمان يستطيع حل أزماتنا الاقتصادية وعلى العمال أن لا يعتمدوا على أحد لينصفهم وكأن الحل سيهبط عليهم من السماء، وإن لم يستطع العمال تنظيم أنفسهم والدفاع عن ثروتهم التي ينتجونها فلن يكون هناك حل اقتصادي لقضية الأجور والرواتب وسيبقون في صف ضحية الناهبين.

تطورات مهمة

جميع الأحداث الأخيرة والتطورات الإقليمية والعربية ومنعكساتها الداخلية تسير في طريقها الصحيح رغم وجود بعض العقبات هنا وهناك، ولكن الحل السياسي للأزمة السورية بدأ يلوح في الأفق وهو ما يفتح الباب بعد إنجازه لمهمة التغيير الجذري والشامل.

دستورياً وقانونياً

من الناحية الدستورية استطاع الدستور عام 2012 تأمين بعض الحقوق للطبقة العاملة بالرغم من تعنّت السلطة ومنعها العمال من التعبير عن مصالحهم عبر فرض الوصاية على نقاباتهم والتضييق عليهم من مختلف النواحي ومنع تطبيق نصوص الدستور فيما يخص الطبقة العاملة، ولكن يجب أخذه بالحسبان والانطلاق من نصوصه التي تنصف أصحاب الأجور خلال مناقشة وتطبيق أي دستور لاحق أثناء عملية التفاوض والحل السياسي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1122