ارتفاع جديد في مستوى الإضرابات العمالية
حسب إحصائيات جامعة كورنيل الأمريكية حول الإضرابات العمالية، حدث 374 إضراباً للعمال في العام الماضي 2022، وارتفعت نسبة الإضرابات 39% عن عام 2021. وكتبت مجلة التايم الأمريكية بعنوان «2023: هل سيكون عاماً لإضرابات العمال». إذ تتوقع وسائل الإعلام تصاعد الحركة الإضرابية للعمال من أجل زيادة الأجور منذ الأسابيع الأولى للعام الحالي 2023. وتحول «إضراب العمال» إلى مادة يومية لوسائل الإعلام الأمريكية في ظل تعمق الأزمات الرأسمالية إلى درجة كبيرة.
العام الجديد في أمريكا
أضافت مجلة التايم أن هناك خطر حقيقي لحدوث ركود في العام الحالي. لقد مر أكثر من عام ونصف منذ أن بدأت موجات الإضرابات العمالية في اجتياح البلاد. ترك آلاف العمال وظائفهم من أجل ظروف أفضل، وتزايدت الحملات طويلة المدى لتنظيم العمال في النقابات. كانت الإضرابات في ارتفاع، حتى قبل انتشار الوباء، حيث بلغت أعلى مستوى لها منذ 17 عاماً في 2019، عندما حدث 25 إضراباً رئيسياً عن العمل.
إن تراجع سوق العمل وارتفاع مستوى البطالة، وازياد التسريح، ومجمل الظروف الاقتصادية السيئة حالياً تعني أن النضال العمالي قد يتسارع في العام الحالي 2023 حسب مجلة التايم. وخاصة أن الشركات ترفض توقيع العقود وتسرح العمال في ظل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، مما يعني ازدياداً في مستوى الحركة العمالية وإضرابات العمال.
لقد ودع عمال أمريكا عام 2022 بالإضرابات ضد هذه الظروف، فعندما سرحت CNN وبازفيد مئات العمال، سار 1100 من المراسلين والمحررين في نيويورك تايمز للاحتجاج على عدم إحراز تقدم في مفاوضات العقود، في أول إضراب للجريدة منذ 20 عاماً حسب مجلة جاكوبين. وبعد إعلان شركات كبيرة مثل بيبسي كولا وأمازون تسريح العمال، أضرب 78 ألفاً من عمال الطيران في شركة يونايتد إيرلاينس مطالبين بنصيبهم العادل من الأرباح.
كان لسلسلة الحملات المنظمة لعمال المطارات والمقاهي وغرف الأخبار والمستودعات تأثير كبير على نشوء المنظمات النقابية. واختار سائقوا الشاحنات وعمال صناعة السيارات «قادة نقابيين متشددين تجاه حقوق العمال». وعلقت مجلة التايم على هذه الظروف: بين عامي 2026-2036 ستشهد الولايات المتحدة تقلصاً في القوى العاملة مما يعني أن العمال سيكون لديهم المزيد من الظروف التي تولد القوة للمطالبة بالتغييرات.
ستصل العديد من القضايا إلى ذروتها بداية 2023 مع انتهاء صلاحية عقود العمل في الشركات الكبيرة. وسوف تبحث نقابات عمال السيارات والشاحنات عن عقود جديدة مع الشركات الثلاث الكبرى: جنرال موتورز وفورد وستيلانتيس، المجموعة التي تدير كرايسلر حالياً. كما أن نقابة الكتاب التي تمثل العديد من الكتّاب التلفزيونيين والسينمائيين، لديها عقد حالي سينتهي في أيار المقبل. وسينتهي أكبر عقد مفاوضة جماعية للقطاع الخاص في البلاد، بين سائقي الشاحنات وعمال البريد في 31 تموز. ويشمل عقد عمال الشاحنات أكثر من 340 ألف عامل. ويذكر أن الإضراب الأخير لعمال شركة الطرود البريدية المتحدة كان في عام 1997. وستحدث مواجهة رئيسية للعمل المنظم في اقتصاد القطاع الخاص في عام 2023.
كان الشهر الأخير من العام الماضي شهراً للإضرابات، وبعضها مستمر منذ عدة أسابيع «إضرابات طويلة الأمد». ففي النصف الثاني من الشهر الماضي، توصلت جامعة كاليفورنيا إلى اتفاق مبدئي مع حوالي 36000 موظف سينهي أكبر إضراب أكاديمي في تاريخ الولايات المتحدة، الإضراب المستمر لستة أسابيع، إذ حصل العمال على زيادات في الأجور تصل إلى 55٪. كما أضرب 100 ألف من عمال السكك الحديدية في مختلف الولايات.
وقد ودع عمال أكبر جريدة في بيتسبورغ «جريدة بيتسبورغ بوست غازيت» عام 2022 باستمرار إضرابهم منذ ثلاثة أشهر بقيادة نقابة عمال الجرائد لأن آخر زيادة حصلوا عليها كانت بتاريخ 1/1/2006. بالإضافة إلى فقدان التأمين الصحي كجزء من سياسة الشركات لتقليص المصاريف، وهو ما رفضه العمال. وأضرب عمال ستاربكس في 100 موقع، كما وصل التنظيم النقابي في ستاربكس إلى 270 موقعاً منتصف كانون الأول 2022. وتستعد 16 ألف ممرضة في مشافي نيويورك للإضراب يوم 9 كانون الثاني.
من جهة أخرى تتواصل حركة الـ 15 دولاراً للساعة والمستمرة منذ عام 2018، إذ استطاعت الحركة تحقيق زيادة الأجور بـ 70 مليار دولار لـ 24 مليون عامل داخل الولايات المتحدة. وأعلنت الحركة أن 30% من القوى العاملة في البلاد على طريق انتزاع الحد الأدنى للأجور: 15 دولاراً للساعة الواحدة. لقد أقرت 10 ولايات قانون الحد الأدنى الجديد للأجور، وخاضت الحركة هذه المعركة في 300 مدينة أمريكية و60 بلداً حول العالم.
موجة في بريطانيا وفرنسا
كتبت جريدة وولستريت جورنال بتاريخ 23 كانون الأول 2022 أن بريطانيا وفرنسا تواجهان موجة من الإضرابات العمالية. وحسب ما نشر على موقع BBC عن استعدادات الإضرابات العمالية خلال شهر كانون الثاني 2023، ستنظم العديد من القطاعات العمالية الإضراب عن العمل من أجل الأجور بين 3-19 كانون الثاني الحالي، وسيشمل ذلك عمال الطرق السريعة والسكك الحديدية والباصات والإسعاف والمعلمين والممرضات وتعليم القيادة. كما دخلت قوة الحدود في إضراب عن العمل من أجل الأجور والمعاشات التقاعدية وتشمل هذه القوة الضباط وموظفي فحص جوازات السفر الذي دخلوا في إضرابين بين يومي 23-26 كانون الثاني، 28-31 كانون الثاني. وحدثت العديد من الإضرابات نهاية العام الماضي في الجامعات والمشافي ومرافق النقل وغيرها، شاملة ويلز وسكوتلندا وإنكلترا.
وقد شهدت فرنسا إضراباً عاماً في الخريف الماضي من أجل الأجور بمشاركة آلاف العمال في جميع أنحاء فرنسا «إحصاءات جريدة لوموند عن خريطة الإضراب العام»، وتلاه إضراب عامّ ثانٍ بعد أسبوع، يواصل العمال في مختلف أنحاء فرنسا تنظيم الإضرابات من أجل الأجور. حيث أضرب عمال السكك الحديدية يوم عطلة عيد الميلاد، كما هددوا بإضراب في يوم رأس السنة. في ظل موجة الاستياء المتزايد لعمال القطاع العام في فرنسا، والذين يطالبون بتحسين الأجور وظروف العمل مع تصاعد التضخم. وقد شل الإضراب أعمال النقل وكلف الحكومة الفرنسية 100 مليون يورو حسب تصريحات وزير النقل.
ويتواصل إضراب الأطباء في فرنسا للأسبوع الثاني منذ 26 كانون الأول، داعياً إلى مضاعفة رسوم الاستشارة الأساسية للأطباء العامين من 25 يورو إلى 50 يورو، بالإضافة إلى تحسين ظروف عملهم بشكل عام. ويستعد الأطباء لمسيرة كبيرة يوم 9 كانون الثاني في باريس. ودخل عمال النقل في غرونوبل في إضراب عن العمل يومي 3-5 كانون الثاني، وجرى تعليق حركة الترام في المدينة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1104