عمّال فولفو يكافحون أرباب العمل والنقابات!

عمّال فولفو يكافحون أرباب العمل والنقابات!

يوظّف مصنع شاحنات فولفو في ولاية فرجينيا الأمريكية أكثر من 3300 عامل، ينتمي 2900 منهم إلى نقابة «عمّال الآليات المتحدون UAW». دخل هؤلاء العمّال حالة إضراب مستمرة منذ 7 حزيران ضدّ مالكي المصنع الذي يعدّ أكبر منشأة لتصنيع الشاحنات في العالم، والمخصص إنتاجه لسوق أمريكا الشمالية فقط. ولكنّ كفاح هؤلاء العمّال مزدوج، فإضافة إلى شركة فولفو، يكافحون ضدّ النقابة التي يُفترض بها الدفاع عنهم.

علينا أن نجهز أدواتنا للقتال لأجل حقوقنا

امتدّ تأثير الإضراب إلى مصانع فولفو الأخرى، حيث تسبب بنقص في توريدات قطع الغيار في مراكز التجميع في وليات بنسلفانيا ومريلاند.
بلغت عائدات شركة فولفو متعددة الجنسيات 30,68 مليار دولار، وأرباحها التشغيلية 1,3 مليار دولار في عام 2020 وحده. وقد صرفت مجموعة فولفو منذ فترة قصيرة أرباحاً لمالكي الأسهم مبلغ 2,3 مليار دولار.
أمّا عمّال فولفو فرجينيا– وهم الذين لم يحصلوا على زيادات في الأجور منذ ما يجاوز خمسة أعوام– فقد صوتوا بنسبة 91% على بدء التحرّك العاجل للحصول على حقوقهم، وصولاً إلى توقيع عقود جديدة مع الشركة تعوّض عن عشرة أعوام من التنازلات التي قدمتها نقابة «UAW» الودودة مع أرباب العمل.
يشعر عمّال مصنع فولفو بارتياب عميق تجاه نقابتهم، لدرجة أنّهم شكلوا لجنة عمّالية قاعديّة «VWRFC» لمواجهة محاولات النقابة لعزل العمّال المضربين.
بدلاً من أن تدعم العمّال المضربين، قام قادة نقابة «UAW» البيروقراطيين المتواطئين بتعيين نفسهم «كمحكّم هجين» بين أرباب العمل والعمّال المضربين، بدلاً من أن يكونوا الجهة الممثلة لهم. كما أنّ النهج الذي اتبعوه يهدف صراحة إلى شلّ الإضراب. فقد وضعوا المضربين على لائحة «مدفوعات الجائعين» وحرموهم من مدفوعات الإضراب. كما فرضوا تعتيماً شديداً على الإضراب، الأمر الذي حرم المضربين من تضامن أعضاء النقابة في أماكن أخرى.
تحدّث أحد أعضاء اللجنة القاعدية قائلاً: «لا نحارب فولفو فقط، بل نقابة UAW أيضاً. هذا هو الجزء الصعب، فحربنا مزدوجة. نحاول الآن أن نتوقّع هجومهم التالي علينا كي نتهيأ له قبل البدء به...».
كانت عقود العمل الثلاثة الأخيرة التي تولّت نقابة UAW المفاوضة عليها شديدة السوء، لدرجة أنّها سمحت للشركة بفرض معايير التوظيف المزدوجة التي تحرم العمّال الذين تعاقدت معهم منذ 2008 من أيّ أمان وظيفي.
رفض العمّال الاتفاقية الجديدة التي تحاول فولفو ونقابتهم فرضها عليهم، وإضرابهم يهدف إلى حلّ القضايا العالقة التي تشمل زيادات الأجور، وتطوير الأجور بما يراعي التضخم، وتقييم الأجور بشكل يحترم المهارة والأقدمية، وتحقيق مزيد من الأمان الوظيفي، وجداول العمل والعطلات، وتدابير الصحة والسلامة، والمعاشات التقاعدية، والرعاية الصحيّة وتغطية وصفات الأدوية.
صممت اللجنة العمّالية القاعدية على حشد العمّال لرفض الاتفاقية النقابية، حيث قدمت لائحة مطالب مختلفة. صرّحت اللجنة بأنّ اتفاق عام 2008 مع شركة فولفو لن يبقى سارياً، وأنّ «UAW لم تستمع لمطالبنا للتخلّص من نظام المعايير المزدوجة. نحن هنا اليوم نفقد المزيد من طاقمنا، والأجر لا يكفي ليغطي تكاليف المعيشة المرتفعة، والقيود على الحدّ الأعلى للأجور تحرم العمّال من الوصول إليه».
رغم أنّ البيروقراطية النقابية تحاول تكبيلهم، فقد انتفض عمّال مصنع فولفو. ومن المثير للاهتمام أنّهم برفضهم الاتفاقيتين الأخيرتين بين النقابة والشركة، يطلقون موجة ذات آثار «معدية» على طول الولايات المتحدة، وربّما العالم، تحفّز العمّال على التحرّك إلى ما هو أبعد من النقابات القديمة وقيودها.
كتب كينيث سورين الذي يدرّس في جامعة ديوك في فرجينيا: «الحركة النقابيّة الأمريكية الرسمية في حالة تراجع منذ أيام ريغان. إن تمكّن هؤلاء العمّال من الانتصار في إضرابهم والحصول على تنازلات من شركة فولفو، فسيسجلون سابقة معاصرة لتغلّب فرع نقابة محلي على المركز الرئيسي المتواطئ، وسيطلقون بهذا الإنجاز الذي يتجاوز الكلمات موجة أمل. ربّما لهذا تحاول نقابة UAW كسر هذا الإضراب بكلّ ما تملك من أدوات».
من المهم أن ندرك بأنّ العمّال المضربين وعوائلهم يخوضون كفاحاً قاسياً جعلهم يتأثرون بشكل مباشر على الصعيد المادي، الأمر الذي دفع بعض الجهات المتعاطفة معهم، كهيئات المدرسين وبعض الوسائل الإعلامية المحلية، لتنظيم أساليب وآليات تضامن ومساعدة متنوعة، وهي رغم عدم كفايتها تعبّر عن شكل من التضامن العابر للقطاعات.
يمكننا كذلك تلمّس ولادة تضامن عالمي في مراحله الجنينية مع عمّال فولفو في فرجينيا، يشبه بشكل أو بآخر ما حدث في بعض القطاعات العمّالية الأخرى: كتضامن حركات عمّال الموانئ أو عمّال أمازون. فقد بدأ على سبيل المثال عمّال فولفو بلجيكا بالتحرّك لدعم إضراب عمّال فولفو في فرجينيا.
يعمل في شركة فولفو في غينت البلجيكية أكثر من 6500 عامل، منهم ألفا عامل في مصنع الشاحنات. وقد وزعت حركة التضامن مع عمّال فرجينيا رسائل مفتوحة على عمّال مصانع السيارات في أوروبا والولايات المتحدة تدعو إلى كسر عزلة عمّال فولفو فرجينيا، وجاء فيها: «هذه هي الطريقة الوحيدة أمامهم للكفاح ضدّ الشركة متعددة الجنسيات وكسب اتفاق يعكس تخفيض الأجور والضمانات الاجتماعية».
وكما قال ستيفن من فولفو بلجيكا: «ينسى الشباب بأنّ جميع الحقوق التي نملكها، قاتلنا للحصول عليها... هنا في بلجيكا لم تعد الأجور متناسبة مع الارتفاع في تكاليف الطعام وغيرها من الأشياء. السياسيون لا يهتمون لأمرنا، فهم متحالفون مع أرباب العمل».
كان تضامن عمّال فولفو بلجيكا هاماً في إعلام الجميع بما يحدث في فرجينيا.
يقول مايكل الذي يعمل في فولفو بلجيكا للسيارات منذ عشرة أعوام: «لا نرى النقابة هنا ما لم يكن هناك انتخاب. لا يفعلون إلّا القليل لأجلنا. لم يعودوا النقابة التي كانوا عليها منذ وقت طويل، فهم هنا لأجل مراكزهم فقط... من الطبيعي أن يحرمونا من معرفة ما يجري في الولايات المتحدة، فلدى فولفو هنا ثلاثة مصانع في ذات المنطقة، وإذا ما حدثت مشاكل في واحد منها، فالعمّال في المصنعين الآخرين لا يسمعون بالأمر... ما يفعلونه في أمريكا هو ما يجب أن نفعله هنا. علينا أن نجهز أدواتنا للقتال لأجل حقوقنا».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1026