بصراحة ... النقابات.. 83 عام من التأسيس ما الذي تغير؟
اكتنف نشوء النقابات في المراحل الأولى تعقيدات كبيرة بسبب الوضع السياسي السائد مع وجود الاحتلال الفرنسي، وما فرضه من قرارات قمعية على الشعب السوري والحركة الوطنية للحد من تأثيرها المباشر على وجوده الاحتلالي لبلدنا، أي: كانت الغاية إطالة عمره الاستعماري، ولكن شعبنا العظيم تمكن من كسرها والإطاحة بها، وتابع مقاومته واستنهض قواه المختلفة بما فيها الطبقة العاملة السورية التي كانت جنينية في تكوينها التنظيمي.
وهذا طبيعي كون العلاقات السائدة في تلك المرحلة هي العلاقات الزراعية والصناعة كانت هامشية، متكونة من العمل الحرفي الذي ساد في الصناعات النسيجية، بالأغلب. وبدأت تدخل العلاقات الرأسمالية تباعاً إلى الاقتصاد السوري بدخول الشركات الأجنبية، والطبقة العاملة بالتكوّن والكبر في هذه التجمعات، وبدأ معها العمل لتكون للعمال نقابات تدافع عن حقوقهم ومصالحهم، جاء التكوّن والتطور بالتزامن مع تطور النضال الوطني المقاوم، من الكفاح المسلح إلى العمل الجماهيري المباشر في الشارع، ولعب دوراً مهماً في تكوّن وعي العمال المقاوم لاستغلالهم وهضم حقوقهم، ودفع العمل النقابي إلى الأمام لوجود عوامل أخرى ساعدت الطبقة العاملة والحركة النقابية الناشئة في بلورة مواقفها، لعب الحزب الشيوعي السوري دوراً، في القيادة المباشرة لنضال العمال، ومساعدتهم في صياغة برنامجهم السياسي والاقتصادي والنقابي الذي جرت على أساسه التعبئة والتنظيم المطلوبين آنذاك.
حققت الطبقة العاملة ضمن تلك الشروط العديد من المكاسب في الحقوق والمطالب، وعلى رأسها حقها الشرعي في تمثيل مصالح الطبقة العاملة والدفاع عنها، بالرغم من آلة القمع ومحاولة الاحتواء التي مارستها بعض القوى.
كانت التخوم السياسية والحقوق الديمقراطية واضحة بين الطبقة العاملة وحركتها النقابية، وبين أعدائها الطبقيين المرتبطين بهذا الشكل أو ذاك بقوى المستعمر الفرنسي وأدواته المحلية، فكانت مطالب العمال وحراكهم واضحة، بالرغم من الصعوبات العديدة على الأرض بما فيها الإضراب.
التجربة الحيّة خلال العقود الفائتة تقول: إن السياسات التي تمّ تبنيها من الحكومات المتعاقبة في مقدمتها تبني اقتصاد السوق وعلاقاته المتوحشة تجاه حقوق ومطالب فقراء الشعب السوري، لم تكن النقابات تقدر على لعب دور المواجهة لتلك السياسات رغم النّيّات بعدم الرضا عنها لأسباب كثيرة، وأن الفساد المستشري لن ينهيه كل ما يقال عن مكافحة الفساد اللفظية، بما فيها مكافحة الفساد الكبير الذي قدّر حجمه قبل الأزمة بما يتجاوز 30% من الدخل الوطني، وهذا رقم ليس بالهيّن لبلد مثل بلدنا موارده محدودة، بل يحتاج إلى موازين قوى تسود لتغير واقع الفساد ودوره المتعدد.
إن الطبقة العاملة السورية كجزء من الحركة الشعبية الناشطة، والتي تعيش عدم رضا عالي المنسوب، بسبب أوضاعها المعيشة والحقوق المسلوبة، ستدفع لوعي مصالحها وحقوقها، وكيف تدافع عنها بكل الأشكال التي خبرتها من تجاربها القديمة، والتي ستبدعها في نضالها الحالي.
تحية إلى الطبقة العاملة السورية في عامها الجديد، وتحية إلى كل الكوادر النقابية الصادة للرياح العاتية القادمة من كل حَدبٍ وصوب.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1010