هل هم عمال؟
جاء في البيان الشيوعي بخصوص التفريق بين العامل وعامل المانيفاكتورة، أي (الوريش). بماذا يتميز العامل عن عامل المانيفاكتورة؟ كان عامل المانيفاكتورة منذ القرن الثامن عشر لا يزال يملك أدوات عمله: نول الحياكة ومغزله العائلي وحقل صغير يزرعه أثناء أوقات فراغه. أما العامل فلم يكن يملك أي شيء من ذلك، ويعيش عامل المانيفاكتورة بصفة دائمة تقريباً في الريف، ويرتبط بعلاقات أبوية مع الملّاك الإقطاعي وصاحب العمل، بينما يعيش العامل في المدن الكبرى، ولا تربطه بالرأسمالي سوى علاقة مالية صرفة. وتقوم الصناعات الكبرى بانتزاع العامل المانيفاكتوري من علاقته الأبوية، فيخسر ما تبقى له من ملكية صغيرة متحولاً بذلك إلى عامل.
مفهوم الأبوية مورث ثقافي
العامل السوري اليوم، لم يتبق لعامل المانيفاكتورة شيء يملكه، كأدوات الإنتاج، واختفى هذا العامل أيضاً شكلياً من الوجود، ولكنه موجود اليوم وبكثرة، فهناك أعداد لا تحصى من عمال الورش والباعة الموظفين في الشركات الكبرى والمحال التجارية الصغيرة، ومع توقف آلاف المعامل عن العمل في سورية جزئياً أو كلياً، كانت الأسواق التجارية ومحال تصليح السيارات- وما إلى هنالك من مهن على هذه الشاكلة- هي المستقطب الوحيد لليد العامله السورية الباحثة عن أية فرصة عمل، وهنا أنا أريد التدقيق اليوم حصراً على الباعة في المحال التجارية لأضع تحت المجهر أين يخطئون ولم يخطئون؟ وما هي معاناتهم؟ إنّ مفهوم الأبوية هو مورث ثقافي ورثه عامل المانيفاكتورة منذ التشكيلة الاقتصادية الاقطاعية، ويقوم كما يقال عامياً على وحدة الحال بين ربّ العمل والأجير، فالاثنان يعملان سوياً على الرغم من أن أحدهم يربح، والثاني يقبض أجراً، وهنا حدت التناقض بين المستثمر والمستثمر، وتتموه تحت مفهوم وحدة الحال فكما أسلفت، وهما يعملان سوياً ويأكلان الطعام معاً ويدخلان المتجر ويخرجان منه معاً، وعندما تخف حركة البيع العامل يتأثر نفسياً حاله كحال رب العمل، هذا الموروث صدقاً موجود اليوم في الأسواق التجارية الكبرى، ويضع تحت ثقله أعداداً هائلة من الشباب الرازحين تحت الفقر، والعمل الشاق، وانعدام الحماية القانونية. يعمل الباعة في الأسواق التجارية بشكل عام اثنتي عشرة ساعة بالتمام والكمال، وفي بعض الأحيان أكثر، ويتقاضون أجوراً أسبوعية أو شهرية، ويتراوح الأجر للشاب بعمر بين 25 عاماً و40 عاماً بين 25 ألف ليرة سورية و35 ألف ليرة سورية، أما من هم بين 15 و20 عاماً فأجورهم بين 18 و23 ألف ليرة، ويتم تسعير الأجر على أساس أيام الدوام 6 أيام في الأسبوع ويوم العطلة غير مأجور، وعند سؤالي لأحدهم: لم لا تتقاضون أجراً بدل العطلة؟ كان جوابه: هكذا (عُرف السوق).
ثمان ساعات في القانون
أما بخصوص وجبة الطعام التي كان يقدمها رب العمل حسب الموروث، فهي للصراحة لا تمنح في جميع المحال التجارية وهذا يشكل عبئاً على هذا العامل، فساعات العمل طويلة، ويقابلها أجر منخفض، كيف يأكل في عمله؟ جزاكم الله خيراً 1- يعطي رب العمل أجيره راتباً كاملاً في الأعياد كعيدية. 2- بعض المحال التجارية تمنح موظفيها معونة غذائية في رمضان، ونستطيع أن نقول 25% فقط من يمنحون هذه المعونة، والعامل يُثمن هذا العمل النزيه، ولكن يا صديقي العامل، أولاً: أنت في اليوم الواحد من عملك تمنح رب العمل 4 ساعات عمل مجاني، ولا تتقاضى عليها أجراً، وقانون العمل السوري حدد لك ثمانية ساعات عمل وكل دقيقه فوقها تعتبر عملاً إضافياً (تمام)؟. ثانياً: أنت يحق لك يوم راحة مدفوع الأجر يعني 48 يوماً عطلة أنت لا تتقاضى عليها أجراً، إذاً أنت تدفع لرب عملك على سبيل المثال، إن كان أجرك الأسبوعي ثلاثون ألف أي 5 آلاف ليرة سورية يومية ضرب 46 مخصوماً منها يوماً شهر شباط النتيجة 230 ألف ليرة سنوياً، وتقدم له 4 ساعات يومياً لنحسبها معاً 5000 ليرة يومياً تقسيم ثمانية ساعات 625 ليرة ضرب 24 ساعة أسبوعياً 15000 ساعة عملاً إضافياً في حال كان الإضافي ساعة بساعة، لنجمع الآن الحسبة. 230 ألف بدل عطل سنوية + 96 ساعة عمل إضافي شهرياً ثمنها 60000 وسنوياً 720000، إذاً أنت تدفع لصاحب العمل 950000 الف ليرة.
المفتشون والإنكار
العمال وحمايتهم واجب، والحق يقال: التأمينات الاجتماعية لها جولات دائمة في الأسواق وأنا رأيت بأم عيني كيف دخل المفتشون إلى أحد المحال التجارية، والعمال أنكروا أنهم موظفين في المتجر، ولكن هذا لا يكفي فهؤلاء العمال حقوقهم معلقة برقاب أصحاب الاختصاص من وزارة العمل إلى النقابات والتأمينات، ومن واجبكم المهني والأخلاقي صون حقوقهم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 980