فروا من الفقر فلاقوا حتفهم
فادي نصري فادي نصري

فروا من الفقر فلاقوا حتفهم

معاناة العمال السوريين في لبنان ليست وليدة الانفجار الكارثة الذي وقع في بيروت، وراح ضحيته 200 من العمال اللبنانيين والسوريين وعائلاتهم وبعض الأجانب. والعمال السوريون أكثر تأثراً من غيرهم لأسباب عدة، أولها، التشرد الذي عانوا منه بسبب الحرب واضطرارهم إلى اللجوء إلى لبنان، واضطرارهم إلى العمل بأجور أدنى من بقية العمال، وتعرضهم للتمييز والإهانة كونهم سوريين وغيرها من المعاناة المريرة، وهذا كله تحت أنظار المسؤولين وأصحاب القرار، وكذلك النقابات، التي هي مسؤولة عن تنظيم شؤونهم في بلاد الغربة وعدم تركهم لأقدارهم.

الموت ليس مجرد انطفاء ورحيل عن الحياة، إنما توقف آمال وطموح وأحلام، وموت أحدهم يعني ألم لتلك السلسلة التي ينتمي لها، وما حصل في بيروت آلم جميع الضمائر الحية، والتي تعتبر سورية ولبنان سلسلة واحدة.

بوابة الرزق

بعد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان نشطت عمليات البناء وإعادة الأعمار، وكانت سوق العمل مفتوحة أمام الحرفيين والعمال السوريين الباحثين عن فرصة عمل ودخل أعلى، فكانت لبنان تستقبل آلاف العمال السوريين للعمل لديها، والجدير ذكره أن آلاف البيوت في الريف السوري اعتمدت وتعتمد على دخل أبنائها من العمل في لبنان، واستمر العمال السوريون باللجوء إلى البنان لزيادة مدخولهم حتى بدء الأزمة السورية، والتي أجبرت أعداداً هائلة من المواطنين السوريين على الفرار إلى لبنان للإقامة والعمل هناك، مما سبب عبئاً إضافياً على العمال والحرفيين في لبنان، وهذا العبء سببه الأساس تردي الوضع الاقتصادي والمعاشي في لبنان.

ارتداد الانفجار في العمق السوري

ما يجب التنويه إليه، أن العمال السوريين في لبنان كانوا وما زالوا يعملون خارج أي إطار قانوني يحمي حقوقهم، من الطرفين السوري واللبناني، وليس هناك من يقف إلى جانبهم، ومن يبحث يعلم كم الاشكالات والإجحاف الذي لحق ويلحق بالعمال السوريين، واليوم نحن أمام مأساة ألمّت بالشعب اللبناني الشقيق، وامتدت إلى العمق السوري بعد حادثة انفجار ميناء بيروت، حيث أعلنت السفارة السورية في بيروت أن 43 سورياً سقطوا جراء الانفجار المروع الذي وقع في العاصمة بيروت، وقالت السفارة، في بيان صحفي نشرته وكالة الأنباء السورية، إن العدد المعلوم من الشهداء السوريين جراء الانفجار وصل حتى الآن إلى 43 في حصيلة غير نهائية، وأضافت: إنها قامت بتقديم «كل التسهيلات» لنقل جثامين بعض الشهداء إلى سورية، والمساعدة على دفن البعض الآخر في لبنان.
ولكن هؤلاء العمال غير مسجلين بشكل رسمي، وأسماؤهم غير، مسجله في لوائح الموظفين في الميناء، ولذلك هناك احتمال كبير بأن يكون العدد أكبر، فقانون العمل اللبناني لعام 2014، سمح للأجانب بالعمل في الزراعة والبناء فقط ولذلك هم يعملون بشكل غير رسمي، حيث أفاد حقوقيون لوسائل إعلام: أن «عدد العاملين في مرفأ بيروت، يقدر بنحو 700 شخص، أما نسبة العاملين السوريين في المؤسسات اللبنانية فتتراوح بين 20 إلى 30%، وهذا يعني: أن نحو 150 إلى 200 سوري يعملون في مرفأ بيروت، وعملهم مقتصر على المهام الصعبة، وأعمال التحميل والتنزيل من البواخر والأرصفة، وبأجوٍر خارج سلسلة الرواتب المعمول بها، والتي تصل إلى نصف ما يتقاضاه الموظف اللبناني.
ختاماً، يجب على الحكومة السورية وعلى الاتحاد العام لنقابات العمال متابعة ملف هؤلاء العمال للوصول إلى الإحصائيات الدقيقة لعدد السوريين العاملين في الميناء، منعاً لضياع ذكرهم وحقوقهم تحت وطأة الكارثة والركام، ومطالبة أرباب العمل بتعويض عوائلهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
979
آخر تعديل على الإثنين, 17 آب/أغسطس 2020 12:34