ثمانية محاور عمل تبنتها النقابات؟
مع انعقاد المؤتمر السابع والعشرين للنقابات في سورية طُرحت الكثير من القضايا التي لها صلة بالعمال والوضع الاقتصادي العام، وبأوضاع المعامل وتشغيلها، وكذلك جرى التأكيد على تشاركية النقابات مع الحكومة في قراراتها وتشريعاتها التي كما تقول النقابات: إنها مساهم أساس في نقاشها وتجويدها، وأيضاً جرى التأكيد على قانون التشاركية وضرورة تعديله بما يضمن مشاركة القطاع الخاص والأموال المهاجرة في البنية التحتية، والتوجه نحو المواضيع الاقتصادية في عملية الاستثمار وعملية إعادة الإعمار.
النقاط الثماني التي طرحتها النقابات في سياق انعقاد المؤتمر هي بمثابة برنامج عمل للنقابات، وهذا البرنامج يحتاج إلى متممات حتى يمكن تحقيقه أو تحقيق جزء مهم منه، وفقاً للظروف والإمكانات التي تحيط بعمل الحركة النقابية، وبالأخص العلاقة مع الطبقة العاملة المفترض أن تكون علاقة يسودها التوافق على أساس مصالح العمال وحقوقهم التي تعرفها النقابات جيداً، ومع هذا يجري تآكل هذه الحقوق، والمصالح تتضارب بسبب مضمون وشكل الحلول المطروحة لحل الأزمات المتلاحقة التي تعصف بوضع العمال ابتداء من الوضع المعيشي المرتبط بمستوى الأجور ووصولاً إلى أوضاع الإنتاج والمعامل التي هي في جزء أساسي معطلة ولا تنتج بالحد الأدنى من طاقتها، وهذا يشمل معظم معامل القطاع الخاص وينسحب أيضاً على الخدمات التي هي بأسوأ حالاتها، مثل: الكهرباء والماء والمشتقات النفطية.
العودة إلى النقاط البرامجية- كما أسميناها- يستدعيها الواقع الموضوعي المتغير عن لحظة إعلانها، وبالتالي شروط العمل على تحقيقها قد أصابها التغير أيضاً، مع أننا لا نرى شروطاً مواتيه للنقابات من تحقيقها، لأن آليات التفكير والتنظيم والإقرار تستند إلى مبدأ المادة الثامنة من الدستور السوري القديم، وهذه المادة من الدستور قد أغرقت النقابات بمستوى لا يستهان به من فقدان القرار المستند إلى المصالح العميقة للطبقة العاملة، فكيف سيجري حل أعقد القضايا العمالية؟ وهي قضية أجورهم العادلة في ظل سياسات اقتصادية منحازة كلياً لقوى رأس المال، حيث تفتح لهم كل الأبواب ليراكموا الثروات، وهذه الثروات المراكمة لن تأتي من المريخ، بل تكون على حساب أجور العمال وحقوقهم الاقتصادية والسياسية بما فيها حرياتهم الديمقراطية التي ستمكنهم من انتزاع حقوقهم والدفاع عن مصالحهم، ومن هنا فإن قصة التشاركية وتحمل مسؤولية التشريعات والقرارات مع الحكومة ستكون بتناقض كبير مع إمكانية تحقيق وضع معيشي عادل، أو على الأقل جيّد للعمال، لأن المعادلة واضحة: إما أجور عادلة، أو ربح فاحش، ولن يكون هناك توازن بين الاثنين إلا في حالة التوازن بين قوى الطبقة العاملة ومعها النقابات، وبين قوى النهب، وهذا لن يكون مع مستوى الحريات النقابية والسياسية المتدني إلى حدوده القصوى ما لم تعدله الطبقة العاملة، وتخلق أوضاعاً مناسبة تمكنها من الدفاع الحقيقي عن مصالحها وحقوقها.
النقطة الثانية التي تحمل أهمية سياسية واقتصادية ومرتبطة بالنقطة الأولى وجاء ذكرها في النقاط الثماني، وهي: دعم القطاع العام وإعادة بنائه وتطويره وتحديثه، وكذلك دعم القطاع الخاص المنتج وتشجيعه، هاتان النقطتان تحملان مضامين سياسية واقتصادية، حيث تشكلان أحد المخارج الأساسية في تحقيق النمو المطلوب من أجل تنمية حقيقية تلبي الحاجات الأساسية للفقراء السوريين، الذين باتو يشكلون 90% من الشعب السوري، والسير باتجاه دعم الصناعة، يعني: السير باتجاه التخفيف إلى حد كبير من الأزمات الاجتماعية، مثل: الفقر والبطالة والتهميش الذي يدفع نحو الجريمة، والسؤال الآن برسم الحركة النقابية: هل الحكومات السابقة التي كانت تزبد وترغي في اجتماعات المجلس العام للنقابات كان لديها الإمكانات للقيام بمهمة دعم الصناعات سواء بالخاص أم بالعام أم أن دورها كان على العكس من ذلك تضع العراقيل والدشم والسواتر الترابية في وجه أي عمل صناعي حقيقي؟ ومن المؤكد أن النقابات على دراية ومعرفة عميقة بكل ما قلناه عن الصناعة كونها قريبة من أصحاب صنع القرار الاقتصادي وتعلم كل خفاياه. فكيف ستدعم وتصلح النقابات الصناعة بهكذا ظروف ما لم تتبدل وتتغير؟
نقاشنا للنقاط البرنامجية لم ينته، وسنواصل النقاش فيها انطلاقاً من موقفنا الثابت في الوقوف والدفاع عن مصالح وحقوق الطبقة العاملة، لأنها تُعبّر عن مصالح فقراء الشعب السوري.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 975