مَكْمن قوة النقابات!

مَكْمن قوة النقابات!

الحركة النقابية، ونتيجة نضالاتها التاريخية تملك كل الإمكانات اللازمة والضرورية لتكون الممثل الحقيقي لكل العمال السوريين في القطاع الخاص وقطاع الدولة على حد سواء، إن أرادت ذلك، ولها الحق بمحاسبة الحكومة وممارساتها الاقتصادية.

ويمكن أن يكون لها دورٌ هامٌ في لجم هذه السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة المحابية لقوى رأس المال. والمعادية لمصالح العمال والكادحين الفقراء على طول الخط. فهي ليست مجرد هيئات نقابية ينحصر نشاطها في مجال الخدمات النقابية البسيطة من مساعدات إنسانية صحية واجتماعية أشبه بالجمعيات الخيرية على أهميتها، وليس دورها الوساطة بين العمال وأرباب العمل سواء الخاص أو الدولة. بل هي قوة لا يمكن الاستهانة بها وبإمكاناتها، وخاصة عندما تزداد صلابةً في الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة ومطالبها، وعلى رأسها حقوق العمال المتعلقة برفع مستوى حياتهم ومعيشتهم بما يوازي متطلبات حياة العمال الأساسية والضرورية. وفي المقدمة منها رفع الأجور لمستوى متوسط المعيشة، واجتثاث الفساد الكبير والنهب والغلاء، وهذه أيضاً ليست قضية العمال وحركتهم النقابية فحسب، بل هي قضية وطنية كبرى بامتياز. ولا يجوز للحركة النقابية أن تهادن بها أو تؤجلها اليوم، وما نشهده اليوم من ارتفاع في تكاليف المعيشة اليومية والتلاعب بأسعار سعر الصرف لليرة السورية مقابل العملات الأخرى، يثبت لنا يوماً بعد يوم أن هذه القوى لا تفكر إلّا بأن تزداد أرباحها من سرقة ونهب كل شيء في البلاد، وهي لا تتوانى حتى عن سرقة أحلام العمال والفقراء كافة. لقد انتهت اليوم الحركة النقابية من انتخاباتها القاعدية والوسطى في كافة المحافظات استعداداً للبدء بدورة جديدة من حياة الحركة النقابية، التي يعلن عنها من خلال المؤتمر العام للاتحاد العام لنقابات العمال المزمع انعقاده خلال الفترة المقبلة بُعيد الانتهاء من مؤتمرات اتحادات المحافظات كافة، والسؤال المطروح اليوم الذي هو هاجس كل العمال والقوى الوطنية في البلاد. هل ستعود تلك الروح الكفاحية والنضالية الصلبة للنقابات والتي تعبر بشكل حقيقي عن مصالح وحقوق الطبقة العاملة؟ إننا لا  نطرح هذا السؤال إلا من منطلق الغيرة على الحركة والعمل النقابي، وقناعتنا التامة بأهمية العمل النقابي الكبرى، وضرورة تقويته باعتباره سلاحاً في يد العمال للدفاع عن حقوقهم ومواجهة الاعتداء على مكاسبهم. ومن جهتها قوى الفساد والنهب الكبيرة وحلفاؤهم يدركون أهمية هذا السلاح، ولذلك يمنعونه بأشكال مختلفة من ممارسة دوره المناط به، ويسعون بشكل مراوغ لتشجيع التشتت النقابي، وضرب صفوفه لقد شهدت الدورة النقابية السادسة والعشرين المنصرمة كثيراً من التراجعات الكبرى عن العديد من المصالح والحقوق المختلفة اتجاه الطبقة العاملة واتجاه قطاع الدولة وخاصة الإنتاجي منه، وعلى سبيل المثال، حمل قانون التشاركية لسنة 2016 العديد من الإجراءات لتطبيق تلك التراجعات اتجاه قطاع الدولة. الدخول في نفق التقشف بنفقات علاج العمال والحوافز وعدم تأمين المواصلات للكثير من العاملين، وتجميد الأجور وضرب الخدمات العامة من تعليم والصحة وغيرها، ورفع أسعار المحروقات المختلفة من مازوت وبنزين وفيول وغاز، والدخول في دوامة غلاء مستمرة حتى اليوم، ولكن في نفس الوقت تُعطى التشجيعات والمساعدات لكبار الفاسدين والناهبين والمضاربين العقاريين وغيرهم من سماسرة الريع. لقد كانت مرحلة تفاقم الفوارق الطبقية وتدهور وتفقير المفقرين أكثر فأكثر، وزيادة عدد المهمشَّين ونسبة البطالة في هذا الواقع الاقتصادي الاجتماعي الذي لا بد من نهوض العمل النقابي وتصدره، وأن تلعب النقابات دورها في التعبير عن عدم الرضا والاحتجاج، وتعيد تنظيم نضالات العمال، والمطلوب هو حشد كل صفوف الطبقة العاملة سواء في القطاع الخاص أو قطاع الدولة، إن تنظيم كل هذه الفئات على أهم المطالب سيوفر الضغط اللازم، ويبني موازين قوة تجعل المفاوضات والحوارات ذات مغزى، وتمكن من فرض التراجع المطلوب لصالح حقوق العمال. وبهذا ستتمكن الحركة النقابية من استعادة القوة لصفوفها وتصبح قوة نقابية ذات تأثير.

معلومات إضافية

العدد رقم:
941
آخر تعديل على الجمعة, 16 نيسان/أبريل 2021 15:34