استقلالية الحركة النقابية ضرورة وليست شعاراً
هل الحركة النقابية مستقلة استقلالاً ناجزاً تستطيع من خلاله أن تدافع عن مصالح الطبقة العاملة التي تمثلها؟. هل تمارس الحركة النقابية رقابتها الشعبية على آليات وطرق تطبيق الدستور بما يتعلق بمصالحها وحقوقها؟. وهل تشترك فعلاً في صياغة وإقرار القوانين الناظمة للعمل والتنظيم النقابي؟.
كما نصت عليه المادة العاشرة من الدستور «المنظمات الشعبية والنقابات المهنية والجمعيات، هيئات تضم المواطنين من أجل تطوير المجتمع وتحقيق مصالح أعضائها، وتضمن الدولة استقلالها وممارسة رقابتها الشعبية ومشاركتها في مختلف القطاعات والمجالس المحددة في القوانين، وذلك في المجالات التي تحقق أهدافها، ووفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون». صحيح أن الدستور قد نص على استقلالية هذه المنظمات والنقابات المهنية وغيرها، وهذا شيء مهم، ولكن ما نص عليه في الدستور لم يخرج من ثنايا أوراقه التي كتبت فيه، وما زال حبيس تلك الأوراق، وخاصة فيما يتعلَّق بحقوق الطبقة العاملة والحركة النقابية، وعلى سبيل المثال لقد نص الدستور في المادة الأربعين منه أن العمل حق لكل مواطن، وكذلك أيضاً أن تعمل الدولة على توفيره لجميع المواطنين. والسؤال هل عملت الدولة على تأمينه حقاً من خلال إقامة وتوفير فرص العمل لدى قطاع الدولة أو القطاع الخاص؟، حيث ما زالت نسبة البطالة بازدياد كبير سنوياً وفرص العمل تزداد شحاً، وخاصةً لدى قطاع الدولة؟. ثانياً، لكل عامل أجر عادل يضمن متطلبات المعيشة وتغيُّرها. غير أن هذا الحق الدستوري لا تحصل عليه الطبقة العاملة. أمّا الحركة النقابية ما زالت حركتها ومواقفها غير كافية تجاه تحصيل هذه الحقوق وغيرها، بسبب منطق الشراكة الذي تتبناه على طول الخط، وهذا سبب مهم يكبح إمكانية تبني ما أتاحه لها الدستور من حقوق في ممارسة دفاعها المشروع عن مصالح وحقوق الطبقة العاملة تجاوزاً لما هو مسموح. ونعني به فقط رفع المذكرات والكتب، وكيف لها أن ترفع صوتها وهي كما تدَّعي أنها ذلك الشريك للحكومة بكل توجهاتها وقراراتها التي لا تخدم مصالح الطبقة العاملة؟ بل وتضرُّ بمصلحة البلاد عامة الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية، والتي منها السعي باتجاه خصخصة قطاع الدولة عبر قانون التشاركية وغيرها من القرارات والتوجهات العامة تحت شعارات براقة من الإصلاح والتطوير أو التحديث والاستثمار.
إنَّ وضع الطبقة العاملة اليوم في أسوأ ما يكون في كل المستويات والصعد، وهذا يتطلب من الحركة النقابية وقفة حازمة وصوتاً عالياً لإصلاح هذه الأوضاع. لذلك على الحركة العمالية اليوم التقدم نحو عمل نقابي كفاحي، وهذا لن يحصل من خلال هذا الضبط والإيقاع البيروقراطي الذي تعمل من خلاله هذه النقابات، فالقضية اليوم في سياسة النقابات وعلاقاتها مع العمال وأصحاب العمل في القطاع الخاص وقطاع الدولة على حد سواء، لم تعد بموقف جزئي صغير من قضية محددة فقط، وندعي أننا حققنا ذلك الإنجاز الكبير سواء كان ذلك على مستوى هيكلية التنظيم النقابي، أو تحقيق ذلك الجزء البسيط الذي لا يغني أو يسمن من جوع، بل بحاجة إلى إستراتيجية العمل النقابي بكامله وكافة جوانبه التي يجب أن تبنى على مستوى عالٍ من الاستقلالية للحركة النقابية. وقد يطرح سائلاً كيف تكون الحركة النقابية مستقلة وكافة أجهزة الحكومة لها علاقة في شؤونها بما فيها العمليات الانتخاب النقابية الدورية، حتى أنه لا يستطيع أي عامل من الوصول إلى أي موقع في الهرم النقابي؟ إن لم تكن هذه الأجهزة قد نالت الرضا هذا بشكل عام، إضافة إلى عملية وطرق الانتخاب التي تعتبر القائمة المقترحة من قبل تلك الأجهزة ناجحة مسبقاً مع احتمال ترك فراغ لأحد ما كي تبدو عملية الانتخاب صالحة وديمقراطية. إن الأمل ما زال معقوداً على إرادة الطبقة العاملة في تنظيم وتوحيد مواقفها ومطالبها تجاه الدفاع عنها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 939