زيادة الأجور عا الوعد يا كمون؟!
تعاني الطبقة العاملة السورية- في أوضاعها المعيشية وحقوقها العامة منذ أن تبنت الحكومات المتعاقبة السياسات الاقتصادية الليبرالية- من الهجوم على مكتسباتها وحقوقها الاجتماعية، وتستمر بقضم ما تبقى من هذه الحقوق، تنفيذاً لتعليمات صندوق النقد الدولي، ولرغبة قوى رأس المال، والذي يأتي في مقدمتها: الهجوم المستمر على الأجور من خلال زيادة الأسعار على السلع الضرورية في حياة العباد، معتقدةً بأن العمال لن يستطيعوا الدفاع عن حقوقهم ومكاسبهم نتيجة الظروف التي تحيط بالطبقة العاملة السورية، وفقدانها لحق الإضراب كأحد أهم أدواتها في الدفاع عن تلك الحقوق والمكاسب.
عمال القطاع الخاص، هذه الشريحة المهمشة من الطبقة العاملة، والمنسية حقوقها، عندما تلتقي مع أي عامل منها، تعصف المطالب بالجملة، فمن ضعف الرواتب والأجور الهزيلة، إلى هضم الحقوق والمكتسبات، ويزداد عليها الافتقاد إلى عقود عمل واضحة وموثقة لدى وزارة العمل، إضافةً إلى حرمانهم من مظلة التأمينات الاجتماعية، وغياب التنظيم النقابي، وكل هذه المطالب تبقى صعبة المنال في ظل تعسف الكثير من أرباب العمل، ولجوئهم إلى وضع سيف التسريح على رقاب عمالهم ساعة يرغبون ذلك، من خلال استقالات مكتوبة مسبقاً من العمل، والتي تجري رغم أنف الجميع بما فيه القانون، أو عن طريق براءات الذمة التي يُلزَم العمال بتوقيعها قبل بداية أي عمل، مهما كانت المنشأة صغيرة أم كبيرة، أو من خلال المادتين 64، و65، إن كل ذلك يتم بقوة سلطة رب العمل والقانون الذي منحه تلك السلطة، والعامل مجبرٌ على الرضوخ، حيث لا حول له ولا قوة، من أجل الحصول على فرصة العمل وعدم ضياعها.
إن وجود الأنظمة والقوانين هو من أجل حماية العمال وصون كراماتهم لا لهضم حقوقهم، وعلى النقابات ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ومؤسسة التأمينات الاجتماعية تطبيق الأنظمة، والتحرك من أجل هؤلاء العمال، لأن إعطاء العمال حقوقهم الواجبة لهم هو الأساس في أي نهوض اقتصادي واجتماعي.
أما العمال المؤقتون والعاملون على الفاتورة والموسميون وغيرهم من فئات العمال التي تفتق الذهن الليبرالي الذي يستند إلى قاعدة «أن لا عمل دائم لوظيفة دائمة» فهم محرومون من الإجازات والمكافآت, وطبيعة العمل والطبابة وغيرها، رغم صدور التشريعات التي تمنحهم صفة العمال الدائمين، ولم يتم تثبيت العديد منهم، ويجري الالتفاف عليها بصيغة مختلفة، المهم فيها ألّا يصل هؤلاء العمال إلى مرحلة الاستقرار الوظيفي والنفسي، لذلك لابد من استمرار المطالبة بتعديل أوضاع هؤلاء العمال، والدفاع عن حقوقهم ومصالحهم، وأهمها: تثبيتهم في أماكن عملهم..
إن هذا النهج الاقتصادي بمقدماته ونتائجه، أدى إلى تفاقم الأزمات الكبرى، ومنها: الفقر وانخفاض مستوى المعيشة، حيث انعكست هذه الأزمات بشكل واضح على مستوى معيشة الطبقة العاملة السورية بشكل عام، وجعلت العمال يئنون تحت وطأة الفقر والحاجة، إن هذا الوضع العام الكارثي الذي تعيشه الطبقة العاملة السورية، والذي أوصلت إليه السياسات الحكومية، حيث تصبُّ ضمن هدف معين واتجاه واحد، وهو إضعاف الاقتصاد الوطني، ووضعه تحت رحمة وقيادة قوى السوق، وإلّا ماذا تعني إعاقة شركات القطاع العام عن الإنتاج؟ وماذا يعني تأجيرها؟ وماذا يعني طرح جزء من الشركات أمام القطاع الخاص المحلي والأجنبي للاستثمار أو التشارك؟ وماذا يعني عدم زيادة الأجور بما يؤمن حاجات العمال المعيشية وسواها؟
إن زيادة الأجور الآن ضرورة ملحّة، ومطلب وطني عاجل، وزيادة الأجور زيادة مجزية متناسبة مع ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، وإن التأخر في هذه الزيادة يعني مزيداً من الإفقار، ومزيداً من تسلط وتحكم أرباب العمل في مصير الملايين من العمال، الطبقة العاملة هي المنتجة للخيرات الرئيسة في المجتمع، وهذه الأجور الهزيلة هي تبديد لوقتها وجهدها وعرقها وطاقتها وللثروة الوطنية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 930