قوانين خالدة!؟
صدر قانون التنظيم النقابي عام 1968 بناء على أحكام القيادة القطرية المؤقتة آنذاك لحزب البعث رقم 2 تاريخ 25/2/1966 ورغم مرور خمسين عاماً على صدور هذا القانون إلّا أنه لم تجرِ عليه التعديلات الضرورية منذ صدوره، ومازال هذا القانون ساريَ المفعول حتى تاريخه، رغم كل ما مرت به الطبقة العاملة والبلاد خلال هذه العقود من تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية وخاصة التحولات التي جرت مطلع الألفية.
ولا ننسى تغيير الدستور الذي جرى عام 2012 والذي كان من المفترض تعديل القوانين كافةً لتتناسب مع أحكامه وخاصة تلك المخالفة للمادة الثامنة الجديدة (ومنها قانون التنظيم النقابي) التي تنص على التعددية السياسية وممارسة السلطة ديمقراطياً عِبر الاقتراع.
القوانين التي تُعدل
تهم فقط قوى المال
مع الإشارة إلى أن الحكومات السورية المتعاقبة والتي كانت ومازالت تقف إلى جانب أصحاب العمل، تسعى كل فترة لتهيئة البيئة التشريعية والقانونية لقوى رأسمال لتزيد من أرباحهم وتقوم بتعديل القوانين الاقتصادية والاستثمارية بما يتناسب ومصالح تلك القوى، حتى في أشد ظروف الأزمة وطأة صدرت قوانين لمصلحة قوى رأسمال كقانون التشاركية عام 2015 وقانون رقم 10 لعام 2018 ،عدا عن قوانين العمل التي جرى تعديلها بما يتناسب ومصالح قوى رأسمال، دون الالتفات إلى مصالح العمال مع أنهم هم المعنيون أولاً وأخيراً بهذه القوانين لأنها تمس أصغر التفاصيل في حياتهم اليومية، ومع ذلك لم ترَ هذه الحكومات أية ضرورة لتعديل قانون التنظيم النقابي الذي أكل الدهر عليه وشرب، مثله مثل أي قانون آخر يهم باقي فئات الشعب كقانون العقوبات وقانون الأحوال الشخصية... إلخ هذه القوانين المعمول بها منذ خمسينيات القرن الماضي.
لا نريد قانون يرجعنا إلى الوراء
رغم الوعود الكثيرة التي نسمعها عن تعديل قانون التنظيم النقابي إلّا أن السياسات الحكومية لا يمكن أن تصدر قانوناً يفيد الطبقة العاملة أو ينصفها، بل ربما ستصدر لنا قانوناً يجعلنا نترحم على القانون الحالي فهذه هي تجربة الطبقة العاملة مع هذه الحكومات والقوانين التي تصدرها.
ولكن الطبقة العاملة لن تقبل بأي قانون، وخاصة إذا كان يخالف الدستور الجديد الصادر عام 2012 فلا بد من أن تنعكس الحقوق الدستورية التي أقرها الدستور في أي قانون جديد للتنظيم النقابي، وأهم هذه الحقوق، هي الحرية السياسية وممارسة السلطة ديمقراطياً عبر الاقتراع، لا أن تترك تحديد طريقة الانتخاب للمجلس العام (حسب المادة 12 من قانون التنظيم النقابي) الذي مازال سارياً حتى الآن على طريقة الانتخاب وفق القائمة المغلقة بناءً على أحكام المادة الثامنة من الدستور السابق، وبشكل يجعل الانتخابات تفتقد للشرعية، لأنها تُعد مخالفة لأحكام الدستور المعمول به، وهذه الطريقة في الانتخاب هي التي جعلت النقابات أسيرة لبعض الأحزاب طوال سنين، وأدت إلى تراجع دورها النضالي الذي كانت تتمتع فيه في خمسينيات القرن الماضي ، فقد أصبحت أهدافها هي تحقيق أهداف هذا الحزب (حسب ما ورد في المادة 17 من قانون التنظيم النقابي) حتى وصلت الطبقة العاملة إلى ماهي عليه اليوم من وضع مزرٍ وبائسٍ.
نريد الحرية نفسها
لا زيادة ولا نقصان
إذا كانت الحكومة عادلة فعليها إعطاء الحرية الكاملة للعمال في إيصال ممثليهم الحقيقيين إلى النقابات عبر انتخابات حقيقية تجري وفق مبادئ الدستور الجديد، للنضال والدفاع عن مصالحها في وجه قوى الرأسمال التي أعطتها الحرية الكاملة لنهب البلاد والعباد، لتكون المعركة بين الطرفين عادلة على الأقل، لا أن تكبل الطبقة العاملة بقوانين خشبية قديمة وتترك لأصحاب العمل الحرية بتوجيه سهامهم نحو العمال، خاصة مع توجه الحكومة في الانسحاب من الحياة الاقتصادية والاجتماعية على مقولة: لا بدك ترحم ولا تخلي رحمة الله تنزل!