النقابات ليست جمعيات خيرية
ياسر التلي ياسر التلي

النقابات ليست جمعيات خيرية

كتبت صحيفة العمال الاشتراكي عدد 2750 مقالة عن (التنظيم النقابي رعاية حقوق العمال وطيف واسع من الخدمات الصحية والاجتماعية) ويأتي المقال من باب دحض ما يذهب إليه البعض من عدم جدوى الانتساب للنقابات العمالية، ليأتي التذكير بمنجزات النقابات العمالية الصحية والاجتماعية، وما تقدمه للعمال من خدمات ومساعدات متنوعة (تكريم لأسر شهداء الطبقة العاملة وتقديم العون لهم في ظل أسوأ الظروف التي تعيشها البلاد نتيجة للعدوان الحاقد حسب ما جاء في المقال إلى العرس الجماعي وتقديم الهدايا والعروض المجانية... إلخ.)

من يقرأ هذه المقال يلاحظ أنه يُغيّب الوظيفة الأساسية للنقابات العمالية في الدفاع عن مصلحة العمال، والوقوف ضد كل من يحاول النيل من حقوقهم والنضال باستخدام الوسائل السلمية الدستورية والمشروعة، مع أهمية تقديم الخدمات الاجتماعية وضرورة تطويرها وتوسيع مجالاتها، وأن التذكير بالخدمات الاجتماعية وحدها لن يؤدي إلى دحض ما يذهب إليه البعض من عدم جدوى الانتساب للنقابات، بل يعزز هذا الموقف لأنه لا يرى بالنقابات مدافعة عن حقوقه، وهذه الأساس في انتساب العمال إلى النقابات وجذبهم إلى المكان الذي يرون فيه سنداً لهم، ويرى بهم مصدراً لتعزيز قوته ودوره في صراع قوة العمل مع مستغليها، بل يرى النقابات العمالية مجرد جمعيات خيرية تقدم خدمات للمحتاجين.
ولم يذكر المقال مواقف النقابات العمالية من قوانين العمل الحالية التي من خلالها يتم الأستحواذ على منتوج العمل الذي يقدمه العمال، ولا ينالون إلا الجزء اليسير منه، الذي قد يساعدهم على تجديد قوة عملهم على سبيل المثال، ولم يذكرنا بمواقف النقابات من السياسات الاقتصادية للحكومات السورية المتعاقبة وهجومها المتكرر على حقوق العمال، وخاصة في مسألة الأجور التي تهبط قيمتها الحقيقية مع مطلع شمس كل نهار بسبب غلاء الأسعار الذي يسبب انخفاضاً بالمستوى المعيشي باستمرار، حتى وصلت الطبقة العاملة إلى هذا الوضع الذي يُرثى له، والذي عزاه كاتب المقال إلى الحرب الكونية التي تشن على البلاد فقط، وفي هذا جزء من الكارثة التي أصابت شعبنا، ومنهم الطبقة العاملة، ولم تُصب أصحاب المليارات وأمراء الحرب الذين اغتنوا إلى حد التُّخمة بسبب السياسات الاقتصادية الليبرالية المنحازة إلى مصالحهم، والتي كانت أحد أسباب انفجار هذه الأزمة، والتي ما زالت متبعة حتى تاريخه، وهي التي أدت لمعاناة الطبقة العاملة وليست الحرب لوحدها هي السبب.
الحل بالعودة إلى القواعد
إذا كان الهدف من هذا المقال هو تشجيع العمال للانتساب للنقابات العمالية فبكل أسف نقول: إنه فشل، فإقناع العمال بالدور الجوهري للنقابات العمالية يكون عبر عدة طرق، أهمها: العودة إلى الطبقة العاملة وسماع صوتها عبر انتخابات حقيقية تجري بعيداً عن عقلية المادة الثامنة القديمة ليخرج قادة نقابيون قادرون على تمثيل مصالح العمال ورفع مطالبهم والنضال من أجلها عبر جميع الطرق السلمية، واتخاذ موقف صريح وواضح من السياسات الاقتصادية المتبعة والوقوف في وجه أشكال الخصخصة المبتدعه كقانون التشاركية، وغيرها من التشريعات لقطاع الدولة وأهمية المحافظة عليه ودعمه وتطويره، والأهم تخليصه من ناهبيه، ووضع مسألة الأجور والرواتب في سلم الأولويات بالنسبة للنقابات، واستخدام الوسائل الدستورية للمطالبة بتطبيق نصوص الدستور الذي نص على العدالة الاجتماعية، وحماية قوة العمل، وضمان استقلالية النقابات في نصوصه.