ندرة السلامة المهنية

ندرة السلامة المهنية

تتولى مديرية الصحة والسلامة المهنية في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الإشراف على تطبيق القرار الوزاري رقم 28 لعام 2010 الناظم لأحكام الصحة والسلامة المهنية الواردة في قانون العمل رقم /17/ لعام 2010، في جميع قطاعات العمل «العام والخاص والمشترك» وذلك من خلال دوائرها الثلاث: دائرة التفتيش وتقييم بيئة العمل، دائرة الدراسات والتدريب والتوعية، دائرة المخابر.

بهدف:
1- حماية القوى العاملة من أخطار العمل المختلفة.
2- الحد من إصابات العمل والأمراض المهنية.
3- تأمين بيئة العمل الآمنة والخالية من الملوثات.
4- الحفاظ على مقومات العنصر المادي من التلف والضياع نتيجة الحوادث والمتمثل في المنشأة وما تحتويه من أجهزة ومعدات.
5- المحافظة على بيئة الجوار.
رغم توفر منظومة التشريعات التي تحدد ما لهم وما عليهم إلّا أن هناك ضعفاً في الرقابة في ظل وجود عمال يواجهون أمراضاً خطيرة وحوادث مميتة ويجهلون حقوقهم، إن أغلب التشريعات تضمن للعامل العمل في ظروف جيدة وآمنة، إلّا أن الواقع يثبت أنَّ هناك الكثير من الحالات التي فقد فيها العمال حياتهم بسبب حوادث العمل وغيرها من المشاكل المهنية، التي لا يزال يتخبط فيها الكثير من العمال، هناك زيادة واضحة في إصابات العمل وحالات الوفاة والكثير من العمال الذين تعرضوا لإصابات العمل وجدوا أنفسهم بلا عمل، فيما تعرض آخرون لإصابات أقعدتهم بقية حياتهم، بينما لقي البعض الآخر حتفهم في أماكن عملهم، تاركين أسرهم تواجه مصيراً مجهولاً.
رأي أرباب العمل
عادة ما يفسّر أرباب العمل تلك الإصابات التي يتعرض لها العمال بأنها نتيجة لقلة الانتباه من طرف العامل تارة، وإهماله تارة أخرى، فيما يرجعها العمال إلى عدم توفر ظروف العمل الآمنة.
ويعتبر كل من قطاع البناء، والحدادة، والنجارة، وبعض الصناعات التي تتم باستعمال آلات خطيرة من أهم مجالات العمل التي تزداد فيها حوادث العمل، حيث يكون العامل معرضاً للسقوط، وأدت العديد من الحوادث إلى إعاقة البعض ووفاة آخرين، وجدوا أنفسهم مجبرين على العمل في أماكن لا تتوفر فيها أدوات الحماية وشروط السلامة المهنية.
قاسيون
زارت العديد من الورش ومعامل الحجر الصناعي والبلوك والبواري الإسمنتية والصناعات البلاستيكية، والتقت العمال خلف الآلات، وفي ورش نجارة الباطون والحدادة والبلاط والتمديدات الصحية وكانت لها اللقاءات التالية:
يقول عامل البناء خالد: مجال البناء من أهم الأعمال التي تكثر فيها حوادث العمل التي أدت إلى وفاة الكثير من العمال، وحتى تقاعد بعضهم قبل الوقت، هناك حوادث ذهب ضحيتها شباب طالما حلموا بفرص عمل توفر لهم العيش الكريم، إلّا أن الظروف شاءت أن تكون نهايتهم في أماكن عملهم. إن الحوادث تحدث بشكل يكاد يكون يومياً، منها ما هو بسيط، ومتوسط وخطير.
قاهر: في الأربعينيات من العمر، احترف مهنة البناء لمدة يزيد عن 15 سنة، يقول: إن المهنة شاقة للغاية وقد كلفته صحته، وأصبح يعاني من الحساسية، ثم الربو، وما زاد الأمر سوءاً هو تعرضه لإصابة في الظهر جعلته يتقاعد عن العمل، وأضاف: أنه لم يكن يجني منه إلّا القليل، رغم خطورته وتذكر صديقه «فراس» الذي توفي بعد سقوطه في إحدى ورشات البناء، وصديق آخر سقط فوق رأسه حجر ثقيل أدى إلى إصابة بليغة في الرأس جعلته يلازم الكرسي المتحرك، والسبب هو عدم توفر مختلف أدوات الحماية في تلك الورش.
يقول رابح العامل في مصنع لتصنيع بواري الباطون: كثير من العمال تركوا عملهم بعد تعرضهم لحوادث خطيرة الأمر الذي يتطلب جهوداً من المسؤولين وأصحاب ورش العمل، في توفير الإمكانات التي تساعد العامل على تفادي تلك الحوادث مع تفعيل الرقابة الصارمة على ذلك.
علي: يجب استحداث آليات الرقابة في كل الورش والمؤسسات العامة والخاصة، فالإهمال من طرف بعض المسؤولين كان السبب في تزايد عدد حوادث العمل، نحن ندرك أن قانون العمل يضم قوانين توفر للعامل سبل الوقاية، إلّا أن أغلب العمال لا ينتفضون على النقائص في أماكن العمل، إلّا إذا وقع حادث أليم لأحدهم، في حين يوجد عمال لا يعلمون ما هي حقوقهم، والمهم بالنسبة إليهم أن يحصلوا على الراتب في نهاية الأسبوع، وهذا ما أكّده عدنان العامل في النجارة: بالنسبة لي لا يمكنني أن أبقى دون عمل، وكما أنني لا أنتظر أن يحميني رب العمل، فأنا أحمي نفسي بنفسي، فرغم أن ظروف العمل غير مريحة، إلّا أنني مطالب بالتأقلم معها، فلولا الظروف الصعبة وقلة فرص العمل لما عملت في النجارة وعرضت صحتي وحياتي للخطر.
صقر: يعمل في مهنة نجارة الباطون منذ تسع سنوات تحدث عن العمال المياومين الذين يعانون من تحكم أرباب العمل في أجورهم اليومية في ظل وجود بطالة كبيرة تؤدي إلى تدني الأجور وعدم وجود مظلة تأمينية تحمي العامل المصاب، وعن عطالته على حسابه دون تعويضات من قبل أرباب العمل، وقيام العديد منهم بفصل العمال المنتسبين لنقابات العمال، وأيضاً تحدث عن تقصير النقابة المعنية في تنسيب العمال المياومين إلى صناديق النقابة التي تحمي العمال في حالة الإصابة والعجز أو الوفاة.
دور وزارة العمل
صحيح أن هناك دوراً لوزارة العمل في الرقابة والتفتيش، إلّا أنّ هذا الدور غير منظم، والمنشاة التي يدخلها مفتش العمل هذا العام لا يعود إليها إلّا بعد مدة طويلة، ويعود هذا إلى عدم اهتمام المفتش سوى بتعبئة التقرير إلى مسؤوليه، وهناك مصانع وورش في محافظة السويداء لا يتوفر فيها الحد الأدنى من شروط السلامة والصحة المهنية، ولم يتم اتخاذ أي إجراء ضد أصحاب العمل. ويُبرر ذلك بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة.