من أول السطر: تسريح تعسفي أم تطفيش

غالباً ما يلجأ أصحاب العمل إلى فصل العامل عن العمل فصلاً تعسفياً ويكون هذا الفصل دون أي تعويض قانوني أو تعويض مناسب لما قدمه هذا العامل من خدمات وعمل حققت فائض قيمة لرب العمل، ودون حصول العامل على أي شيء يذكر منها. ويجري ذلك بعيداً عن أعين القانون وعيون مديريات العمل وعيون التنظيم النقابي رغم وجوده شكلاً أحياناً في هذه المنشأة.

وهذا الفصل عن العمل الذي يحصل غالباً لا يكون له علاقة بأداء العامل أو تقصيره في عمله، وإنما لكون هذا العامل قد طالب بجزءٍ صغير من حقوقه المسلوبة من أجر أو صحة مهنية أو طبابة. حيث يعتبر رب العمل هذا الإجراء بمثابة تحذير لكل عامل تسول له نفسه بالمطالبة ولو بجزءٍ يسير من حقوقه المسلوبة والضائعة بين سطور القانون وسطوة رب العمل، وعلى العامل أن يكتفي بالشكر والامتنان له حسب زعمه ( لحم كتافون من خيري )

أما العامل الأكثر وعياً والأكثر معرفة بحقوقه القانونية ولديه القدرة على الحراك بين صفوف زملائه العمال لنقل هذا الوعي لهم بمعرفتهم بحقوقهم المسلوبة من رب العمل، واختيار الأساليب الناجعة والدستورية لتحصيل هذه الحقوق، يلجأ صاحب العمل إلى تطفيشه بكل الأساليب والأشكال القانونية وغير القانونية رغم أن العامل قد يكون من العمال المهرة أو الفنيين المميزين وتتم عملية التطفيش إما بحرمانه من الحوافز أو التعويضات التي يحصل عليها جراء تميزه هذا أو بإبعاده من مكان عمله إلى مكان آخر ليس له علاقة باختصاصه والأكثر صعوبة وتعجيزاً وذلك بنقله إلى مكان عمل فرعي بعيداً عن المركز الرئيس للمنشأة وبعيداً عن مكان إقامته أو سكنه وذلك دون أي تعويض مجزٍ لذلك النقل، وبهذه الطريقة يجبر العامل على تقديم استقالته وكأنها حصلت بإرادته الصريحة ورضاه اتجاه القانون ويتم كل هذا بحماية القانون وتحت أعين التنظيم النقابي. أما الغاية الأخرى من هذه الطريق فهي حرمانه من حقوقه القانونية التي ينص عليها قانون العمل رغم شحها، وهي لا تعبر إلّا عن جزءٍ بسيط من حقوقه وتعويضاته وخاصة أن العامل لا يتم تسجيله براتبه الحقيقي لدى مؤسسة التأمينات الاجتماعية. إن هذا التطفيش ليس إلّا شكلاً من أشكال التسريح التعسفي والإرهاب التي يتبعها أرباب العمل اتجاه العمال.

معلومات إضافية

العدد رقم:
00
آخر تعديل على الجمعة, 16 نيسان/أبريل 2021 16:09