الإعلام التقدمي وحق الإضراب
لعب الإعلام التقدمي والنقابي بشكل عام، والصحف الشيوعية بشكل خاص، في تسليط الضوء على نضال العمال من أجل حقوقهم مثل: زيادة الأجور وساعات العمل الثماني، وتوزيع عادل للحوافز الإنتاجية والمكافآت، وغير ذلك من المطالب.
افتتح إضراب عمال سكك الحديد عام 1912 مرحلة جديدة من حياة الطبقة العاملة السورية، انتقلت بعدها من المرحلة الجنينية إلى مرحلة النضال المفتوح، الذي تصاعد في العشرينات والثلاثينات مع صدور أولى الصحف الشيوعية في البلاد، التي حملت لواء الدفاع عن المطالب المحقة للعمال الجياع والعاطلين عن العمل حتى اليوم.
صحف القرن العشرين
جاء في العدد الأول من جريدة الإنسانية عام 1925: «الإنسانية هي جريدتك أيها العامل، فأقرأها وأعطها لغيرك ليقرأها» ونشرت في العدد نفسه أخباراً عن مظاهرات عمال بيروت واحتفالات الأول من أيار، بينما دافعت صحف العمال وصوت العمال والفجر الأحمر عن نضال العمال في سبيل حقوقهم 1930-1933.
دعت جريدة نضال الشعب في عددها الأول عام 1934 للتضامن مع عمال نسيج حلب المضربين. أما صحيفة صوت الشعب اليومية فكانت تغطي الإضرابات اليومية للعمال، مثل: افتتاحية العدد الصادر يوم جلاء المستعمر الفرنسي عن سورية بعنوان «إضراب عمال الترامواي مستمر بهدوء ونظام وتضامن قوي بديع»، كذلك كان عنوان افتتاحية العدد الصادر يوم 21 نيسان 1946: «إضراب عمال الكهرباء في يومه الثامن، الشعب يؤيد عمال الكهرباء ويحتج على إهمال مطالبهم، برقيات الأحياء والنقابات لرجال الحكومة».
انتصر 1500 عامل زراعي في ريف مدينة سلقين بعد شهرين من الإضراب عن العمل من أجل زيادة أجورهم بالتزامن مع صدور العدد الأول من جريدة النور اليومية عام 1955، وكانت جريدة نضال الشعب نصف الشهرية تنشر أخبار إضرابات عمال نسيج حلب 1967، وعمال سد الفرات وعمال الباصات والنقل الداخلي بدمشق 1969 وعمال الإنشاءات 1978 وموظفي مشافي دمشق وحقول نفط الرميلان 1979، وعمال نسيج دمشق وتبغ اللاذقية 1988.
صدر العدد الأول من جريدة الحياة النقابية عام 1981 تضمن أخباراً عن إضراب العمال في شركة حديد حماة، ومعمل إطارات حماة وأسمدة حمص، أما العدد الثاني في العام نفسه تضمن مقالاً عن إضراب عمال مطحنتي بردى والجولان في دمشق، وعمال معمل إسمنت طرطوس، ونفط الرميلان. ونشرت جريدة قاسيون عن إضرابات عمال البناء والملاعب والمسالخ وغيرهم في دمشق 1987 – 1988.
جريدة قاسيون
لعبت جريدة قاسيون دوراً مهماً في نشر البرنامج العمالي الذي كان يعبر عبر نقاطه البرنامجية التي تضمنها «الاقتصادي_ الاجتماعي_ السياسي_ والديمقراطي النقابي» حيث أكدت على ضرورة وأهمية وجود برنامج انتخابي يتقدم به المرشح، أو مجموعة المرشحين، ليتاح للعمال الاختيار ومن ثم المحاسبة على أساس ما قدم في البرنامج، وكما أكدت على أن المنطق السائد في الانتخابات النقابية على أساس القائمة المغلقة التي مضمونها مصادرة إرادة العمال في اختيار مرشحيهم المختبرين والمعروفين من قبلهم، لا يمكن أن يدفع هذا باتجاه وصول قيادات نقابية نوعية، يمكنها الدفاع عن الحقوق الجذرية للطبقة العاملة، كما حصل في الدورة الانتخابية الحالية التي قاربت على نهايتها حيث التبرير كان: الظروف لا تسمح بانتخابات.
واصلت جريدة قاسيون في القرن الواحد والعشرين السير على خطا شقيقاتها السابقات في القرن العشرين: «الإنسانية، صوت العمال، الفجر الأحمر، صوت الشعب، النور، نضال الشعب» للدفاع عن مطالب الطبقة العاملة السورية.
يمكننا القول: إن جريدة قاسيون هي الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي كانت صوتاً لإضرابات العمال في سورية بين عامي 2001-2017، وكذلك كانت صوتاً للدفاع عن حق العمال في الإضراب عن العمل حتى تثبيت هذا الحق في دستور عام 2012 ولم تتوانَ في الدفاع عنه في مختلف المؤتمرات العمالية والنقابية حتى اليوم.
هكذا كانت «قاسيون» وما تزال تشق طريقها نحو الغد على هذا الطريق صوتاً للمنهوبين السوريين بمختلف شرائحهم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 836