ندوة قانون العمل.. حوار بلا نتائج؟
أقام اتحاد عمال دمشق، بالتعاون مع مديرية العمل في ريف دمشق، وفرع ريف دمشق للتأمينات الاجتماعية، وبحضور ممثلين عن غرف الصناعة والتجارة في ريف دمشق وبعض أرباب العمل ندوة يوم السبت في تاريخ 21/10/2017 لتسليط الضوء على آلية تطبيق أحكام القانون رقم 17 لعام 2010 وتقديم مقترحات من النقابات وأرباب العمل لتعديله.
لقد تكلم الطرفان وبحضور ممثلين عن مديرية العمل والتأمينات الاجتماعية عن عيوب القانون، كلٌ من وجهة نظره، مع اكتفاء ممثل غرف الصناعة بتسجيل ملاحظاته على القانون رقم 17 وتقديم مقترحاته كمذكرة إلى مديرية العمل وفق ما صرح به.
فشل الاعتماد على المفتشين في تحصيل حقوق العمال!
مندوب مديرية العمل تحدث عن: الصعوبات التي تواجه عمل مفتشي مديرية العمل، ومفتشي التأمينات الاجتماعية، أثناء جولاتهم على المنشآت، وما يتعرضون له من سوء معاملة أرباب العمل لهم، فمن إغلاق أبواب المنشأة في وجههم، إلى محاولتهم إخفاء العمال في المستودعات، أو غرف مخفية لمنع المفتشين من التحدث إليهم، وعدم التزام أرباب العمل بوضع نظام داخلي لمنشآتهم، وعدم تشكيل أرباب العمل للجان الصحة والسلامة المهنية وفق ما تنص عليه القوانين، فموضوع الصحة والسلامة المهنية شبه معدوم في منشآتنا، حيث يتذرع أرباب العمل دائماً بعدم معرفتهم بقانون العمل أو قانون التأمينات، مع العلم أن قانون العمل وجميع قراراته التنفيذية قد صيغت بالتعاون مع غرف الصناعة والتجارة والسياحة، وفق ما صرح به مندوب الغرف نفسه. (ومع ذلك فهذا ليس عذراً، فالقاعدة القانونية تنص على أن لا جهل بالقوانين) وبالتالي لا يمكن لأحد أن يتذرع بعدم معرفته للقوانين ليتهرب من العقوبة. وبالرغم من تعدي أرباب العمل على حقوق العمال، ومخالفتهم لقوانين العمل وفق ما ذكره مندوب مديرية العمل، إلا أننا لم نسمع حتى الآن بصاحب عمل اتخذت بحقه عقوبة ما، أو صدر بحقه حكم من المحكمة العمالية.
المشكلة الأساسية التي لم يثرها مندوب مديرية العمل هي: عدم قدرة المفتشين على إلزام أرباب العمل بالتقيد بقانون العمل، أو قانون التأمينات، فكيف يستطيعون محاسبته؟ ألا يعني هذا فشل الاعتماد على المفتشين في تحصيل حقوق العمال، وأن الحل الوحيد هو: تمكين العمال أصحاب المصلحة الحقيقية من الدفاع عن حقوقهم وتحصيلها؟
المشكلة بالسياسات
بشكل عام جاءت أغلب المداخلات تفصيلية جداً وتناولت بعض حقوق العمال، والتي بالرغم من أهميتها إلا أنها ليست جوهر المشكلة في القانون رقم 17، فقانون العمل، والذي صيغ بالتعاون مع غرف الصناعة والتجارة، لا يحتاج إلى تعديل بعض نصوصه، بل يحتاج إلى تغيير جوهري في السياسة التي بني عليها، فقاعدة: العقد شريعة المتعاقدين، وعدم وجود قواعد ملزمة لرب العمل، ولا حتى عقوبات رادعة بحقه، وتمييع دور القضاء عبر محاكم عمالية شكلية، وسحب المؤيدات الحقوقية من يد العامل لإثبات حقه والتسريح التعسفي، وتهميش الدستور، وإلغاء حق الإضراب والاتفاقات الدولية والإقليمية، وترك العامل تحت رحمة صاحب العمل، فهنا لا يمكن الكلام عن حقوق أو حتى وجود قانون، فالقانون الوحيد الموجود هو: قانون صاحب العمل وسطوته ونفوذه، إما أن يخضع له العامل أو أن يبقى عاطلاً عن العمل.
الحكومات السورية، ومنذ تبنيها لسياسة اقتصاد السوق الاجتماعي، وتبني فلسفة الدولة المحايدة، وعدم تدخلها في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية وترك المواطن لتتحكم به قوانين السوق، هو أساس المشكلة، فحتى هذا الشعار الرأسمالي لم تلتزم به الحكومة، فإذا كانت الحكومة تسعى لدور محايد فدورها خلال السنوات الماضية كان خاضعاً وممثلاً لمصالح أرباب العمل على حساب العمال، من خلال منعهم وتجريدهم من حقوقهم ومنعهم من مجرد الاعتراض على أوضاعهم المعيشية، والمطالبة بحقوقهم فأي دور محايد للدولة هنا؟
التشاركية بعد تطبيق الدستور
أغلب النقاشات شددت على: التشاركية في اتخاذ القرارات بين الحكومة وأرباب العمل ونقابات العمال، واعتبار ذلك وسيلة لضمان تعديل في القانون يقود في النهاية إلى علاقات عمل متوازنة، ولكن التشاركية في وضع القوانين لا تعني أبداً تعطيل العمل بالدستور وإلغاء نصوصه، والاكتفاء ببعض العبارات العاطفية من قبل ممثلي أصحاب العمل، للحفاظ على حقوق العمال، من حيث أنهم آباء للعمال، وما إلى ذلك من كلام معسول وكأنه يبدو بالفعل كَلسانِ التاجر يسوق بضاعته الفاسدة.
فقبل أن نبدأ بالتشاركية في وضع قانون جديد للعمل، فهذا يأتي بعد وضع قواعد الدستور التي لا تخضع للمناقشة في أعلى المراتب، بدءاً من الاعتراف بحق الإضراب للطبقة العاملة، وبحقهم في دخولٍ تلبي لهم احتياجاتهم الأساسية، وترتبط بالأسعار، وبعد ضمان الحماية القضائية لحقوقهم، وهو الحق الدستوري الطبيعي لكل مواطن، وبعد تطبيق اتفاقيات منظمة العمل الدولية التي وقعت وصادقت عليها الجمهورية العربية السورية، بعد ذلك يمكن طرح القانون للنقاش، والتشاركية بين منظمات العمال وأرباب العمل، والحكومة، التي من واجبها أساساً الدفاع عن الدستور وضمان حسن تطبيقه.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 834