بصراحة: نموهم يدمر حياتنا

نموهم يدمر حياتنا.. النضال والهجوم المضاد خيارنا الوحيد، هذا الشعار الذي رفعته النقابات اليونانية داعيةً العمال إلى الاحتجاج على سياسات الحكومة المناهضة لحقوق العمال، والمبنية على اقتطاع المزيد من الضرائب ومنع الإضراب، وبالأمس القريب دعت كبرى النقابات الفرنسية العمال للإضرابات احتجاجاً على قانون العمل الذي طرح في زمن الرئيس الفرنسي السابق «هولاند» وجدد طرحه مع بعض التعديلات عليه في زمن الرئيس الحالي «ميكرون»

ولكن النقابات رفضت التعديلات، مجددةً موقفها الرافض كلياً لهذا القانون الذي يعطي صلاحيات واسعة لأرباب العمل على حساب حقوق العمال، وخاصةً ما يتعلق منها بإمكانية تسريح العمال في حالات الخسارة أو الإفلاس، وغيرها من الحالات التي يحمل العمال تبعاتها، ولا يجنون عند تحقق الأرباح لهذه الشركات أية مكاسب.

الحركة الإضرابية المتصاعدة لعمال أوروبا هي تعبير واقعي عن الأزمة العميقة التي تمر بها اقتصاديات تلك الدول باعتبار مصادر النهب الكبرى التي كانت الرأسمالية تحصل عليها، وبالتالي ترشي بها الطبقة العاملة، قد تقلصت إلى حد بعيد، أي: أن مرحلة الرفاه الاجتماعي لما بعد الحرب العالمية الثانية التي اضطرت الرأسمالية للسير بها نتيجة وجود المعسكر الاشتراكي وما كان العمال يتمتعون به من حقوق وامتيازات في تلك الدول قد ولّت إلى غير رجعة، ولكن مع تغير موازين القوى العالمي وانفجار الأزمة العامة للرأسمالية التي كان من نتائجها الهجوم على مكاسب العمال وحقوقهم عبر سياسات التقشف وفرض المزيد من الضرائب، وقمع الحركات الاحتجاجية للعمال، مما جعل حالة الصدام بين قوى رأس المال وقوة العمل أمراً حتمياً ليس هذا وحسب بل ينضم إلى العمال في إضراباتهم المزيد من القوى المجتمعية المتضررة من السياسات الاقتصادية المتبعة من قبل الحكومات الأوروبية مثل: الطلبة ومدرسي الثانويات ومدرسي الجامعات.

يسوق منظرو رأس مال الفرنسي حججاً متعددة لتمرير قانون العمل ولعلها شبيهةً بالحجج التي تم طرحها عندنا من أجل تمرير قانون العمل رقم 17 وهي: أن صدور القانون ضروري من أجل إنعاش سوق العمل والحد من البطالة، ولكن ما كان من نتائج لصدور القانون عندنا أن زادت الثروة وتمركزت أكثر بأيدي القلة القليلة، والبطالة ارتفعت معدلاتها والأجور يجري التحكم بها من خلال التحكم في سوق العمل، ألا يتطابق هذا الواقع مع ما قالته النقابات اليونانية أن «نموهم يدمر حياتنا» وخيارنا الوحيد: الدفاع عن لقمتنا وكلمتنا؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
828