عن إغراق الصناعة في الظلام
غزل الماغوط غزل الماغوط

عن إغراق الصناعة في الظلام

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الخسائر الكبيرة التي يسببها انقطاع التيار الكهربائي عن المنشآت الصناعية، والتي تؤثر بدورها على الواقع الاقتصادي للعمال، نتيجة انقطاعاتهم القسرية المتكررة عن العمل، وحرمانهم بالتالي من نسبة لا يستهان بها من أجورهم وحوافزهم، تلك الأجور التي لا تكاد أصلاً تفي بأبسط مقومات الحياة.

وينعكس وضع الكهرباء الذي جرى تقديم الكثير من الوعود في السابق من أجل تحسينها ولكنها ذهبت أدراج الرياح لتبقى متذبذبة وغير مستقرة وانعكاسها سيئ على الصناعة السورية، ويعيق استعادتها لمكانتها في السوق المحلية، ولا يسلم من ذلك أي من القطاعين الخاص الذي تعاني فيه الصناعة من حيث التشغيل والاستمرار بالإنتاج أكثر من القطاع الصناعي الحكومي، بالرغم من معاناة الأخير، وهو ما توضحه الإحصائيات التي تجرى من حين لآخر بغية رصد واقع الصناعة السورية، ولك أن تتخيل أية آثار سلبية تنعكس على أجر العامل الذي يتحمل هذه الخسائر على شكل اقتطاعات مستمرة من دخله الهزيل.

«الدبس» نموذج

منذ بضعة أيام صرحت إدارة الشركة العربية المتحدة للصناعات النسيجية «الدبس» عن وجود خسائر تقدر بنحو ملياري ليرة سورية خلال الأشهر الثمانية الماضية فقط، أي: ما يعادل 36% من إنتاج الشركة، وتعود هذه الخسائر إلى التوقف المتكرر للإنتاج بفعل انقطاع التيار الكهربائي والتقنين.

وبغض النظر عن محاولات الشركة وضع حد لهذه المشكلة عبر التعاون مع شركة كهرباء ريف دمشق، أو الاعتماد على المولدات، فإن الخسائر المذكورة توضح بشكل جلي: أن وزارة الكهرباء فشلت حتى الآن في الحد من تداعيات انقطاع التيار على الصناعة رغم استقرار الأوضاع الأمنية في العديد من مناطق تواجد هذه الشركات، ووجود بنية تحتية تسمح بتوفير حد كبير من احتياجاتها من الكهرباء، لكن لدى الوزارة على ما يبدو أولويات أخرى.

الأولوية لمن؟

في الحديث عن الأولويات ترتفع أصوات الصناعيين من أصحاب المنشآت ولا سيما الصغيرة منها في المدن الصناعية، ففي مدينة عدرا الصناعية يتم قطع الكهرباء بشكل كامل يوم الخميس من كل أسبوع ما يوقف عمل هذه المنشآت قسراً ويعطل إنتاجها دون أسباب واضحة أو معقولة، وما يزيد الطين بلة هو قطع التيار الكهربائي عن المدينة في المناسبات الاجتماعية التي تتطلب إمداد بعضاً من أحياء دمشق بمزيد من الكهرباء، كما يحصل في الأعياد أو المعارض، وكأن تزيين الشوارع بالأضواء في بعض المناطق الراقية أكثر أهمية من دوران عجلة الإنتاج في مناطق أخرى، وهي في أمس الحاجة إلى تحقيق عائد اقتصادي يعد بمثابة شريان الحياة الذي يغذي فقراء الطبقة العاملة، حيث يخسر العمال في المدن الصناعية أجورهم عن فترة الإنقطاعات التي لا ذنب لهم بها، وإنما هم الطرف الأضعف الذي يجري التحكم به على أساس أن أرباب العمل لا ينتقصون من أرباحهم ولو كان على حساب من ينتج لهم ثروتهم.

إلى متى؟

هي ازدواجية في المعايير، ليس في مجال الكهرباء فحسب، وإنما في سائر المجالات الأخرى التي تنحِّي أولويات الطبقة الفقيرة لصالح الأثرياء، ما يجعلنا نتساءل: ألم يحن الأوان لتعيد الحكومة حساباتها أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
828