العمل مندوبة مبيعات ... ماذا بعد؟
غزل ماغوط غزل ماغوط

العمل مندوبة مبيعات ... ماذا بعد؟

لم تفلح جهود مرام في البحث عن عمل بعد محاولات استمرت عدة أشهر، ما قادها إلى صفحات الصحف الإعلانية حيث فرص العمل أكثر من أن تحصى، ومعظمها تحمل السمات ذاتها، شركة محترمة وأجر مرتفع وندرة غريبة في أية معلومات تفصيلية عن طبيعة العمل ونوع الشركة، لكن لا ضير من المحاولة على حد تعبير الفتاة.

 

العمل.. مندوبة

لم تستغرق الشابة وقتاً حتى تكتشف حقيقة هذه الشركات، ذات المواصفات المثالية، إذ سرعان ما تبين لها أنها ليست سوى منشآت وهمية تحمل مسمى شركات تسويق وتطلب توظيف الفتيات من أجل تشغيلهن كمندوبات تسويق، في حين أنها تخفي غايات مشبوهة.

«قرأت إعلانا عن شركة تطلب توظيف محاسبة، وعندما تواصلت معهم أرشدوني إلى العنوان الكائن في منطقة الشيخ سعد على وجه الدقة، ولم تكن الشركة حين ذهبت إليها سوى قبو لبناء ضخم لا تحمل أي شعار أو لافتة تدل عليها، وليس في داخلها ما يوحي أن الموجودين يمارسون عملا ما»

الفتاة تلقت عرضا بالعمل مقابل أجر قدره ستون ألفاً، لكن الارتياب بالنسبة إليها كان سيد الموقف، فرغم أنهم طلبوا كما جاء في الإعلان «محاسبة» إلا أنهم اشترطوا أن يتم تدريبها كمندوبة تعرض بضاعتها على المنازل لإقناع الناس بشرائها..

« طلبت منهم أن يمهلوني حتى الغد لأقرر وكنت قد اتخذت قرارا بعدم العودة بالطبع لكنهم لم يتركوني وشأني واستمرت اتصالاتهم بي، على اعتبار أنهم بحاجة لكفاءة فتاة مثلي، عندها تيقنت من أنها ليست سوى خدعة، واضطرني الأمر لتغيير رقمي حتى أتجنب مزيداً من المضايقات»

إعلانات وهمية!

حين روت مرام قصتها أمام صديقاتها فوجئت بأنها لم تكن الوحيدة، إذ سمعت حكايات كثيرة مشابهة، وكلها تنتهي إلى محاولات خداع واستغلال الفتيات من قليلات الخبرة كالطالبات الجامعيات أو اللاتي تخرجن حديثاً، وهن بأمس الحاجة إلى العمل.

الصحف الإعلانية تنشر الإعلانات لكل من يرغب، دون أي قدر من التدقيق في مدى صدق المعلومات المقدمة، وليس خافياً عليها أن كثيراً من الإعلانات وهمية، بل إن بعض هذه الإعلانات تنشر من قبل الشخص نفسه تحت مسميات مختلفة وأرقام هواتف مختلفة، للإيقاع بأكبر عدد ممكن من الراغبين بالعمل.

«راتب مغر»

إلى جانب صحف الإعلانات تنتشر أيضاً الملصقات الطرقية، التي تروج لإعلانات وهمية، ظاهرها التسويق والأعمال المكتبية والمحاسبة وحقيقتها استغلال الفتيات للعمل كمندوبات مبيعات في أحسن الأحوال، وذلك عبر استخدام عبارات مشجعة مثل «راتب مغر» و «حوافز ونسبة مبيعات» و«المواصلات مؤمنة» وغيرها، وجميعها معلومات مغلوطة، لا وجود لها على أرض الواقع، وغالباً ما تجد هذه الإعلانات بالقرب من الجامعات والسكن الجامعي والمعاهد ومواقف الحافلات، حيث شريحة واسعة من الشابات الباحثات عن سبل تأمين مصاريفهن.

أعباء لا يستهان بها!

حقيبة ثقيلة تحملها مندوبة المبيعات، وتجول بها بين المنازل أو المحال التجارية أو بين غرف المدينة الجامعية، وغالباً ما تكون محتوياتها عبارة عن مستحضرات تجميل تعود لشركات لم يسمع بها أحد من قبل، ولا تلقى إقبالاً عليها، ما يصعب عمل المندوبة كمرّوجة تسعى «بالحيلة والفتيلة» لإقناع الآخرين بشراء منتج، تعلم على وجه اليقين أنهم لو اشتروه اليوم فإنهم لن يفعلوها ثانية في المرة المقبلة، ولا تتقاضى الفتاة أجراً إلا بنسبة معينة على المنتج الذي تفلح في بيعه، ويذهب معظم تعبها هباءً، كما لو كانت تتحمل وحدها مسؤولية رداءة المنتج الذي تسوق له، وغالباً ما تتحمل أيضاً أجور التنقل الذي يتطلبه العمل، إضافةً إلى نفقات ضياع أو تلف أي منتج بحوزتها أثناء العمل، في حين يقبع رب العمل خلف مكتبه تصله الأرباح دون أن يحرك ساكنا ولا تطاله أية رقابة، أو محاسبة، ولا يتحمل مسؤولية أي أذى أو ضرر تتعرض له المندوبة خلال عملها، يساعده في ذلك حكومة تعجز عن تأمين فرص عمل لكفاءاتها، أو على الأقل عن وضع حد للانحدار المستمر في مستوى معيشة المواطن والارتفاع الهستيري للأسعار.

معلومات إضافية

العدد رقم:
803