بصراحة: أربع وسبعون شمعة من عمر الحركة النقابية
في الثامن عشر من آذار تضيء الحركة النقابية شموعها الأربع والسبعين، ولهذا التاريخ معنى تنظيمي وكفاحي كبيرين في المسار العام الذي سارت به الحركة النقابية منذ تأسيس أول نقابة عمالية مستقلة عن التنظيم المشترك الذي كان يضم أرباب العمل والعمال معاً إلى لحظة إعلان الاتحاد العام لنقابات العمال كإطار تنظيمي جامع وموحد وقائد لنضالات الطبقة العاملة السورية حيث عمل الاتحاد في هذا الإطار على انتزاع العديد من الحقوق العمالية وفي مقدمتها حق الطبقة العاملة في الإضراب كما جاء في نص قانون العمل 279 الصادر عام 1946 بالإضافة لتحسين الأجور وشروط العمل التي كانت شديدة القسوة على العمال وينتفي منها الكثير من شروط السلامة المهنية.
لقد تغيرت الظروف بشكل كبير ومختلف بين لحظة الإعلان عن تأسيس الاتحاد واللحظة الحالية من حيث الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وظروف العمل التي تسير وفقها الحركة النقابية السورية وخاصةً مع صدور دستور جديد فتح الآفاق أمام الطبقة العاملة لتعيد الأمور إلى طبيعتها التي كان من المفترض بالحركة النقابية أن لا تتخلى عنها وهو حقها في الدفاع غير المشروط عن حقوق الطبقة العاملة ومكاسبها تحت مبررات عدة أضعفت قدرة الحركة النقابية والطبقة العاملة عن أن يكون لها خط مستقل عن التأثيرات السياسية للأحزاب وتدخلاتها المباشرة في تحديد الخط العام وحتى تفاصيل العمل اليومي للنقابات مما أدى بالنقابات أن تنتظر ما يأتيها من قرارات وتعليمات بما يخص قضايا هامة لها علاقة مباشرة بحقوق العمال ومكاسبهم وفي مقدمة ذلك تحسين مستوى معيشة العمال والدفاع عن مكان العمل الذي فقد الكثير من العمال والكوادر المهنية حقهم في العمل الدائم دون مبرر قانوني أو أخلاقي يجيز التسريح الذي طالما استخدمته قوى الفساد تحت حجة مكافحة الفساد وهي في الحقيقة تعمل على تعميمه وجعله من أخلاقيات الحياة اليومية حتى أصبح هذا وباءً ليشكل خطراً حقيقياً يحتاج لعمل جراحي يجتثه من جذوره كي يبقى الجسم الاجتماعي سليماً يؤدي مهامه ووظائفه الحقيقية في التطور والنمو وتحقيق العدالة.
إن مواجهة هذا الوباء السرطاني يلزمه قوى فعلية تمارس دورها على الأرض انطلاقا من مصالح القوى التي من مصلحتها التغيير وفي طليعتها الطبقة العاملة السورية التي تمثل مصالحها مصالح الغالبية العظمى من أبناء الشعب السوري لذا فهي معنية مباشرةً بتصعيد نضالها الاقتصادي المطلبي من آأجل إعادة توزيع ماهو منهوب من الدخل الوطني لمصلحة زيادة الأجور وتحسين المستوى المعيشي بشكل رئيسي، وأيضاً تصعيد نضالها السياسي من أجل إيصال ممثليها الحقيقيين إلى مواقع صنع القرار وأهمها مجلس الشعب الذي هو أعلى سلطة تشريعية استطاعت قوى السوق تمرير الكثير من القوانين التي استخدمت كقاعدة انطلاق لشن الهجوم الواسع على مصالح وحقوق الطبقة العاملة وفي المقدمة من تلك القوانين قانون العمل رقم 17 الذي أتاح لأرباب العمل أن يسرحوا عشرات الآلاف من العمال وتحويلهم إلى متسولين في سوق العمل يبحثون فيه عن فرصة عمل تسد رمق من يعيلون في ظل الأزمة الخانقة التي يسعر نارها تجار الأزمات وتجار الموت.
إن انفتاح الأفق السياسي أمام القوى السياسية يجعل إمكانية حراكها على الأرض إمكانية حقيقية إذا ما امتلكت الإرادة والبرنامج الواضح المعبر عن قوى التغيير الحقيقية، قوى الطبقة العاملة وكل العاملين بأجر ويأتي في مقدمة القوى، الحركة النقابية التي لديها الآن إمكانيات تجاوز ما هو قائم حالياً وذلك بالاستفادة من انعقاد المؤتمرات النقابية في المحافظات،وخاصةً مؤتمر دمشق من أجل أن تكون هذه المؤتمرات بما تتخذه من قرارات تستجيب لحراك الطبقة العاملة المشروع في القطاع العام والخاص بما تتقدم به من مطالب إن كان على صعيد زيادة أجورها وتحسين وضعها المعيشي أو على صعيد أن تكون الحركة النقابية أكثر فاعلية لجهة الدفاع عن حقوق العمال كل العمال.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 544