عادل ياسين عادل ياسين

بصراحة المغامرة والمقامرة

تردد عند بداية الحرب العدوانية الصهيونية ـ الأمريكية مصطلح المغامرة لما قامت به المقاومة اللبنانية من أسر الجنديين الإسرائيليين،

وسحب عنصر المفاجأة من يد العدو، وقلب الطاولة على مخططه الذي رتب له منذ فترة ليست بالقصيرة، لترتيب أوضاع المنطقة حسب مشروعهم ومصالحهم، فاجأتهم المقاومة بمغامرتها المحسوبة، والضرورية من أجل إفشال مشروعهم، ليس هذا وحسب بل عملت على هزيمتهم بكل المقاييس السياسية والإعلامية، والنفسية، والعسكرية رغم كل آلة الدمار ومراكز الأبحاث واستطلاعات الرأي، والإعلام والإمكانيات، فهل العين قاومت المخرز؟ كما قالت اللجنة الوطنية في بيانها؟ نعم العين الساهرة والمقاتلة والإرادة الصلبة تقاوم المخرز الصهيوني ـ الأمريكي، ولكن الذي لايريد أن يعي أن العين تقاوم المخرز لأسباب عديدة عنده داخلية وخارجية يكرر نفس ماقاله البعض أن المقاومة اللبنانية مغامرة، ولكن جاء قوله متأخراً، أي لم يعِ الدرس الذي قدمته المقاومة بصمودها وثباتها، وقدرتها على إلحاق الهزيمة بالعدو، ويعكس موقفاً مهزوماً داخلياً مغلفاً بموقف الحرص على مشاعر الجماهير وعدم دغدغة عواطفها، وعدم دفع البلاد إلى مواقع لا يرضاها هو من خلال ماطرح في مجلس الاتحاد (بأن فتح جبهة الجولان مغامرة وطرح هذه القضية الآن هي دغدغة لعواطف الجماهير وأن القوى الطارحة لهذه المسألة تؤمن بغير ما تقصده هذه القوى، وكل قضية لاتأخذ ظرفيها الذاتي والموضوعي تصبح مغامرة).

نستنتج من هذا القول وعند العودة إلى الوراء في تاريخ سورية المعاصر أن قرار البطل يوسف العظمة بالتصدي للجنرال غورو هو مغامرة لأن الظرف الذاتي والموضوعي لم يكن مؤاتياً وكذلك قرار قادة الثورة السورية الكبرى بإعلان الثورة هو أيضاً مغامرة لتصبح في نهاية الأمر كل القرارات الوطنية في مجابهة والأمريكان مغامرة أيضاً.
والسؤال الذي يطرح نفسه متى تصبح القرارات الوطنية غير مغامرة حسب التشخيص الذي قدم من بعضهم؟!
إن تحرير الأرض ومجابهة العدوان الداخلي، والخارجي لايمكن أن يخضع لشروط العدو وقوته، وإمكانياته، وإنما يخضع لإرادة المقاومين السياسية والقتالية والمادية التي يمكن أن يخلقوها على الأرض، وبالتالي صنع الأدوات الضرورية لاستنهاض الشعب والقوة الحية في المجتمع، وإلا كيف نفسر هذا التأييد الجماهيري والشعبي الواسع الذي استطاعت المقاومة اللبنانية خلقه بفعل دورها المقاوم ليس بالسلاح فقط، وإنما بكل أشكال المقاومة مما جعل الشعب اللبناني يتمسك بها كخيار وحيد وهي ترى بالشعوب سندها الأساسي ومصدر قوتها في استمرار مواجهة العدو حتى تحرير الأرض المحتلة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
279