عمال مجمع الزبلطاني.. و(الصف الثاني)
يبقى لمجمع الزبلطاني الصناعي الحرفي خصوصيته التي تميزه عن التجمعات العمالية الأخرى, ويبقى لعماله خصوصيتهم أيضاً, قاسيون، توجهت إلى هناك، في سعيها لرصد واقع العمال وظروف عملهم، وطبيعته بعد مرور عام تقريباً على تغطيتها السابقة.
بمجرد أن دخلنا المجمع وبدأنا جولتنا فيه, لاحظنا انتشاراً كبيراً للملصقات التي تطلب عمالا وعاملات بالاختصاصات جميعها والمهن المتواجدة في المجمع, مما يدل على وجود شواغر كثيرة بانتظار الراغبين بالعمل, فأثار ذلك فضولنا، وتابعنا جولتنا باحثين عن حقيقة هذه الإعلانات والشواغر المفترضة.
تنوع في الأيدي العاملة
يتوزع العاملون في مجمع الزبلطاني على مقاسمه الثمانية عشرة, ويشتغلون بالعديد من الصناعات والأشغال الموجودة ضمنها، وتتصدر صناعة الجوارب قائمة الصناعات، تليها صناعات النسيج الأخرى (التريكو) والخياطة والتطريز الالكتروني، كما يوجد العديد من المعامل المنتجة للمواد البلاستيكية, ناهيك عن عشرات المحلات التجارية المتخصصة ببيع منتجات المعامل بالجملة والمفرق، وأخرى لبيع قطع تبديل الآلات والمكنات وأكسسواراتها، وأيضاً الخيوط بأنواعها، كما تحولت بعض المحلات لمستودعات مواد غذائية من سكر شاي ومعكرونة ..الخ كون المجمع ملاصق لسوق الهال, مما جعل تواجد العمال الباعة وعمال العتالة أمراً بديهياً.
الخبرات (طفشت) من الأجور
التقينا بالعديد من العاملين في صناعة الجوارب، وحاولنا من خلال نقاشنا المفتوح معهم، أن نستوضح موضوعة الإعلانات الملصقة وشواغرها الافتراضية، وبحسب ما قيل لنا، تبين بأن هذه الشواغر حقيقية وبأن أغلب المعامل والورش تعاني من نقص في الأيدي العاملة، ولكن ليست أي أيدي عاملة، بل المهنية والفنية المدربة، كون الصف الأول (كما يطلق عليها) من هذه الشريحة العمالية الخبيرة قد تسربت خلال الأعوام السابقة من المجمع، فالأغلبية العظمى سافرت خارج البلاد باحثة عن أجر يؤمن معيشتها بعد أن عجزت عن تحقيق هكذا أجر حيث كانت تعمل, فيما توجهت البقية لأماكن عمل أكثر أماناً من هذه المنطقة من ناحية وأفضل من حيث ظروف العمل كساعات العمل الأقل والنقل الأيسر من ناحية أخرى, وأقر جميع من دردشنا معهم بأنهم يعتبرون أنفسهم عمال صف ثاني من حيث الخبرة والمهنية وبأنهم جاؤوا من صناعات أخرى تراجعت ومن أعمال خدمية كالمطاعم والسياقة تعتبر أجورها أدنى من الأجور التي استطاعوا الحصول عليها هنا.
أرباب العمل (نحنا ما دخلنا)
حين سألنا بعض أرباب العمل عن الأمر أقروا بذلك أيضاً، وقالوا: أنهم يعانون من هذا الأمر وبأن جودة البضائع المنتجة تأثرت بشكل واضح بسبب ذلك ورموا بالمسؤولية على سياسات الحكومة الاقتصادية والنقدية غير الداعمة للصناعة ومتهربين من مسؤوليتهم في الجزء المتعلق بهم وعلى رأسها: تخليهم عن جزء من أرباحهم العالية لصالح الأجور التي كانوا ولا زالوا يرفضون رفعها بما يتناسب مع الضرورات المعيشية، وهذه الحال تنطبق على مجمل المنشآت التي تطلب عمالاً.
ارتفعت عدداً
وانخفضت قيمة!
تدنت قيمة الأجور كثيراً، بالنسبة للعاملين في معامل المجمع ومحلاته ومستودعاته، رغم ارتفاعها عدداً وبات الكثير من العمال يواصلون الليل بالنهار حتى يحاولوا تقليص الفارق الكبير، بين أجرهم من جهة، وأسعار الحاجات الضرورية من جهة أخرى وقسم منهم صار يشتغل في معملين اثنين، فيما بقيت أجور العاملات هي الأدنى فمثلا متوسط أجرة كوي دزينة الجوارب ارتفعت من 22 ليرة أوائل السنة لحدود 30 حالياً وساعة العمل لعامل الصناعات البلاستيكية من 175 لحدود 300 ليرة فيما ارتفعت الأجرة الأسبوعية للعاملات بشكل عام بحدود 15% وعمال العتالة بحدود 45% والملاحظ أيضاً بأن سوق العمل في المجمع يعيش حالة من الفوضى من حيث حجم التنقلات في صفوف العمال نظراً لاشتداد التنافس على العمالة وخاصة التي اكتسبت خبرة لا بأس بها ولكن ذلك لم ينعكس على الأجور بشكل موازٍ فأرباب العمل ما زالوا مصرين على التمسك بأعلى منسوب لأرباحهم متحججين بضعف الأسواق وارتفاع تكاليف الإنتاج ورداءة الكهرباء وكأنهم لا يقومون برفع أسعار منتجاتهم؟
حكي من القلب!
راغب عامل تطريز:
أنا بالأساس سائق (سوزوكي) اشتغلت بالتطريز عند أحد زبائني السابقين، بعد ما راحت سيارتي (بالتعفيش) تعلمت المصلحة بس رغم هيك أجرتنا ما بتكفي غير أجار البيت، وحق الخبزات وكاسة الشاي, بتصدق اني بشتغل ورديتين باليوم كل وردية 9 ساعات
معتز عامل حبكة جوارب:
«ما ضل حباكيين بالبلد و بيقتل حالو المعلم على شي حباك وبس تطلب سعر معقول عأجرة الدزينة بقلك المعلم والله بسكر المعمل ولا بعطيك هالسعر شو بدك تشاركني انت اجرة الدزينة هلأ بين 11 و15 ليرة بس هي لازم تكون أقل الشي 22 هي أقل الشي بس ما في رحمة».
أم باسل عاملة تغليف معمل بلاستيك:
«هي بنتي اللي عم تشتغل معي كانت بالجامعة، شوف وين صارت ؟ شو بدنا نشتغل يعني كلو نفس الشي عم نطلع سوا 60 ألف بالشهر شو بيعملوا والله انو أجرة الغرفة الساكنين فيها 25 الف ويا ريت غرفة الله وكيلك قن جاج بس شو بدنا نقول الله عالظالم».
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 788