صحيح لا تقسم ومقسوم لا تاكل وكُلْ حتى تشبع!
عادل ياسين عادل ياسين

صحيح لا تقسم ومقسوم لا تاكل وكُلْ حتى تشبع!

تتواتر الاجتماعات التي يعقدها الوزراء مع الجهات ذات الصلة بوزاراتهم سواء في الجانب الصناعي أو الخدمي أو الإنشائي بهدف الوصول لصيغ عمل تخرج تلك القطاعات المبحوث وضعها من دائرة الترهل إلى دائرة العمل النشط كما يصرح بذلك الوزراء العاقدين للاجتماعات بحضور ممثلي التنظيم النقابي كونهم المعنيين مباشرة بمعرفة ما يرسم للعمال في المرحلة الحالية والقادمة على ضوء ما تطرحه الحكومة من تصورات وإجراءات تؤمن الانتقال السلس لتطبيق قانون التشاركية الذي جرى إصداره مؤخراً باعتباره من وجهة نظر الحكومة المخرج الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه في تأمين الشركات والموارد اللازمة لمرحلة ما بعد الأزمة التي تتطلب الكثير من الدولارات والدولارات في جيوب من نهبها أثناء الأزمة وكون منها ثروات يعاد تبيضها مرة آخرى في إعادة الإعمار.

إن أهم تلك القطاعات التي يجري بحث واقعها لإعادة هيكلتها وفقاً لتصورات الحكومة هي: القطاع الإنشائي الذي يضم أهم الشركات التي لعبت في مراحل سابقة دوراً أساسياً في بناء البنية التحتية ذات الأهمية للاقتصاد السوري الزراعي والصناعي « الطرق والجسور – صوامع الحبوب – السدود ...الخ » أي أن هذه الشركات كونت من الخبرات الشيء الكثير وهذا يؤهلها أن تكون في مقدمة القطاعات المفترض دعمها وتطوير أدواتها سواء من حيث تأمين الآليات أو تطوير مهارة العمال والمهندسين تحضيراً لمرحلة الإعمار المفترض أن تكون بقدراتنا الوطنية لا مكان فيها لقوى النهب المحلية المتحالفة مع قوى النهب في الخارج التي تسعى لاستلام ملف إعادة الإعمار ليدفع الشعب السوري ومنه الطبقة العاملة الثمن الباهظ.

وزير الأشغال العامة والإسكان أصدر تعميماً لمدراء الشركات الإنشائية يطلب منهم في البند الأول من التعميم : « يطلب إليكم اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة والمناسبة لصرف رواتب العاملين لدى شركتكم من تمويلكم الذاتي اعتباراً من تاريخ 1 1 2017 » وهذه التغطية المطلوبة لرواتب العاملين ستكون من خلال مجموعة من الإجراءات المفترض القيام بها وفقاً للتعميم ابرزها ضغط النفقات وتأمين جبهات والأبرز فيها إعادة هيكلة الشركات بما ينسجم والمرحلة القادمة ولم ينسى التعميم دعوة الشركات بتأمين جبهات عمل من أجل أن تنتقل من التوازن إلى الربح المستدام.

إن التعميم المنوه عنه يعكس شيئاً مهماً أن الحكومة ليس لديها حلولاً لهذه القطاعات يمكنها من النهوض مرةً أخرى بمهامها التي أنشأت من أجلها وجميع تلك التعليمات التي تضمنها التعميم تصب باتجاه ان لا تعمل تلك الشركات وفق المقاييس المفترضه لأن طلب التعميم من الشركات تأمين جبهات عمل والسؤال من أين ستؤمن ذلك خارج مشاريع الدولة؟ وهل بإمكان هذه الشركات التفاوض لنيل بعض المشاريع التي يجري توزيعها على المحظيين من الشركات الخاصة؟ وهذه الشركات معروفه للقاصي والداني وهي لديها من الإمكانات المادية ما يمكنها من تنفيذ العقود بشروطها وتستلم مستحقاتها كما يقال على «دوز باره» بينما شركات القطاع العام الإنشائي تغرق بديونها على الغير ولا تستطيع تحصيلها وإن جرى ذلك فيكون الجزء اليسير الذي يمكنها من دفع أجور عمالها التي لا تسد الرمق ومع هذا يعمم وزير الأشغال بأن على الشركات دفع أجور العاملين من تمويلها الذاتي الذي لا تملك منه هذه الشركات إلا الجزء اليسير وهذا المطلب لوزير الأشغال يعني بنهاية المطاف: أن لا أجور للعمال وهذا يعني إعادتنا للمربع الأول الذي كانت فيه هذه الشركات تتأخر بدفع أجور العمال عدة أشهر مما يدفع العمال للإضراب لحين استرداد جزء من مستحقاتهم على شركاتهم.

التعميم الحالي يذكرنا بما صدر عن اجتماع رئيس الحكومة مع مدراء الشركات الإنشائية ولم يحضره أحد من ممثلي العمال والذي طالب بإعادة هيكلة الشركات تحضيراً للمرحلة القادمة الذي سمح للشركات بالاستدانة من المصارف الخاصة والعامة بضمان أصولها من أجل أن تطور الشركات أدائها، ولم ينس الاجتماع الوزاري أن يذكر بمحاسن قانون التشاركية الذي سيؤمن الموارد المطلوبة للنهوض وهذا ما عمل عليه تعميم وزير الأشغال بالطلب من المدراء إعادة الهيكلة لشركاتهم والسؤال : هل يملك المدراء سلطة القرار لعملية إعادة الهيكلة الذي يأتي ضمنها التغيير الإداري الذي يعتبره البعض مفتاح النجاح لهذه الشركات وكأن الأشخاص هم من يقررون وليس السياسات الاقتصادية وبرنامج الحكومة الذي تتبناه وتسعى لإنجازه بوتيرة متسارعة  تحضيراً للمرحلة القادمة.

الغائب الحاضر في هذه المعمعة الوزارية هم: النقابات التي لم يصدر عنها موقف واضح ومحدد تجاه طروحات الحكومة في إعادة الهيكلة وعدم دفع أجور العمال سيبتدئ من العام القادم وواقع الشركات على ما هي عليه لأن هذه الشركات لن تستطيع تبديل أوضاعها بمجرد تعميم يصدره وزير الأشغال فهذا يحتاج لجهود كبيرة والتعميم ينطبق عليه المثل الشعبي «صحيح لا تقسم ومقسوم لا تاكل وكل لحتى تشبع».      

معلومات إضافية

العدد رقم:
787