كذبة الشواغر وحقيقة (البريستيج)
هاشم اليعقوبي هاشم اليعقوبي

كذبة الشواغر وحقيقة (البريستيج)

ما عليك إلا أن تتجول في أسواق بيع الألبسة الرئيسية في دمشق حتى تكتشف الكم الهائل من الإعلانات على واجهات المحلات، التي تطلب عمالاً من اختصاص مدير صالة بيع وحتى (الحويص)، وخاصة تلك المحلات التي تمثل الماركات، أو التي تدعي تمثيلها.

إعلانات الشواغر بالمئات

قد يتخيل المرء إذا ما قصد شارع الشعلان الرئيسي بأن إعلانات الطلب على العمال، الملصقة على محلات بيع الألبسة بمختلف أصنافها، وبمكان بارز وخط واضح تدل على شواغر تقدر بالعشرات, فالإعلان فيه من الوضوح ما يدل على ذلك, مثالٌ على ذلك صيغة الإعلان لأحد محلات الماركات: «يلزمنا مدير صالة ذو خبرة, موظفون أو موظفات باعة في كافة الأقسام, يلزمنا موظف صندوق وشاب صغير والخ».

ربما يظن قارئ الإعلان، بالإضافة لظنه بوجود شواغر، بأن هذه الظاهرة تنتشر فقط في هذا السوق، لكن جولة أخرى على باقي أسواق دمشق سيرى بأنها منتشرة وعامة، من الفحامة والقصاع إلى الصالحية وسوق الحمراء، فما قصه هذه الإعلانات، وهل حقاً قد مَّن الله على شبابنا بمئات الشواغر التي تنتظر ملأها بهم؟.

مناقصة عرض أسعار

 على قوة العمل

لمعرفة حقيقة هذه الظاهرة دخلنا مع إحدى الفتيات الراغبات في العمل، فاستقبلها مدير الصالة وطلب منها أن تملأ ورقة طلب وظيفة فيها الكثير من الأسئلة والبيانات، وما يلفت الانتباه ويجب التوقف عنده هو السؤال الخبيث التالي: ما هو الراتب الذي تتوقعينه؟ أو ما هو الراتب الذي ترغبين بالحصول عليه؟ عند هذا السؤال بالذات يرتبك مقدمو طلبات التوظيف جميعهم، كما فهمنا من الموظفين أنفسهم، فأي سؤال هذا؟ وكأنما بالأمر مناقصة، أي أن الشركة ستوظف حتماً العرض الأقل من بين جميع العروض المقدمة, وطبعاً أتمت الفتاة كتابة الطلب وسلمته للمدير، والذي بدوره وضعه بلا مبالاة واضحة فوق دستة من تلك الأوراق (أعلى من بلوكة عالـ 15) وقال لها سنتصل بك خلال يوم أو يومين ريثما يتم دراسة طلبك من قبل الشركة.

لا شواغر أبداً والإعلان مستمر

حرضتنا تجربتنا مع الفتاة الباحثة عن عمل على لملمة التفاصيل من هنا وهناك، وعلمنا بأن هذه المحلات جميعها لا يوجد بها شواغر قطعاً فالراغبين في العمل كثر، والطلبات المقدمة بالعشرات يومياً، فهل يعقل بأن هذا الشاغر (الوهمي) لم يملأ خلال أشهر نشر الإعلانات؟ إذاً ما الهدف منها..؟.

طقوس (البريستيج) المقدسة

لقد أجمع الذين سألناهم من الباعة والمديرين على أن الهدف الأول من مضمون هذه العملية (المسرحية) هو خلق العصا التي تبقى بيد صاحب العمل ليلوح بها في وجه عماله، تفادياً لأية مطالبة بزيادة على الأجور أو تخفيض ساعات العمل أو تحسين شروطه على أقل تقدير، هذا من جهة، ولاستبدال أصحاب الأجور العالية من بين العاملين لديه بآخرين جدد عرضوا قوة عملهم من خلال الطلبات بسعر أقل، وأما من حيث الشكل فهذه الشركات تحب (البريستيج) وعرض العضلات، وما بين المنافسة على اليد العاملة الأرخص، وعلى مظاهر (البريستيج) المقدسة، تضيع حقوق عمالنا وتجرح كرامتهم، فهل بعد الله من وكيل.؟