عمال «عشتار» ظلم «على عينك يا حكومة»
مع تفاقم الخسارة الدائمة لقيمة الليرة السورية في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد، ازدادت معاناة العامل خصوصاً في معامل القطاع المشترك، فمعدل الرواتب أدنى من أي رواتب أخرى في سورية، وكأن القيمين على هذه المعامل يعيشون خارج نطاق الأزمة ولا يدرون تدني قيمة الليرة والغلاء الفاحش الذي جعل من العامل تحت مستوى الفقر.
هل من المنطق أن تكون الرواتب اليوم 12 ألف ليرة سورية؟ هذا تساؤل طرحه عمال معمل «عشتار» لصناعة الكونسروة والمواد الغذائية الواقع في منطقة الصبورة، حيث أعيد فتحه منذ حوالي 14 شهراً- أي في ظل الأزمة التي تعصف في البلاد.
أما «الرواتب فهي خارج الواقع، فالراتب لا يكفي أجار طريق، وكأن العيش ممنوع على عمال هذا المعمل »، هذا ما عبر به الشاب علي (20 عاماً) العامل في المنشأة، مضيفاً: «بدأت بالعمل طمعاً بوظيفة الدولة، لكن لم أتوقع أن يكون راتبي متدنياً إلى هذا المستوى، فهو لا يكفيني أجرة طريق، حيث أنه يوجد حوالي 100 عامل في المعمل، ولا يوجد إلا باصان لنقل العمال، أحدهما لمنطقة قطنا والثاني ليعفور، ويسدان حاجة ربع العمال فقط، أما الثلاثة أرباع الباقون يعودون على نفقتهم الخاصة كل إلى منطقة سكنه، وهذا يكلفنا أكثر من عشرة ألاف ليرة شهرياً، ليبقى من الراتب ألفا ليرة لا تكفي ثمن وجبة طعام أثناء العمل. والمهزلة الكبرى أننا نعمل في معمل لصناعة الطعام، وممنوع علينا الأكل منه، أين الحكومة وأين الدولة؟ هل يحاربوننا بلقمة عيشنا؟»
التأمينات.. «عالوعد يا كمون»
عند سؤالنا عن التأمينات للعمال، تفاجأنا بأن المعمل غير محسوب في نطاق التأمينات، وكأنه خارج دوائر الدولة. تقول نبيلة (42 عاماً) إحدى العاملات: أنا في المعمل منذ بدأ الإنتاج، ونحن لا نزال خارج حسابات مؤسسة التأمينات الاجتماعية، رغم مطالبتنا المتكررة، وإلى الآن لم ننل غير الوعود، فكيف نكون موظفين حكوميين ونحن غير مؤمنين؟ هل الحكومة أصبحت مثل القطاع الخاص؟ نحن توظفنا في هذا المعمل طمعاً بكونه أضمن من القطاع الخاص، فلماذا هذا التهرب؟ ولمصلحة من؟».
كثير من الجهد وقليل من الحقوق
فيما يخص طبيعة الأعمال التي يقوم بها العمال، قالت نبيلة: «العمال غالبيتهم من البنات، وهذا بسبب قلة الرواتب، فالشاب لا يرضى العمل بهذا الراتب، لذلك فإن العمل أصبح مضاعفاً، مثلا أنا أعمل على خط إنتاج، ولكني أقوم بتنزيل وحمل المواد الغذائية من السيارات بنفسي كي لا يتوقف العمل، فأحمل صناديق البندورة مثلاً- والتي يبلغ وزن الصندوق الواحد منها 20 كغ- وهذا فوق قدرتي الاحتمالية، لأن قدرتي العضلية لا توازي قدرة الرجل، وهذا ليس عملي، فأعود إلى البيت بعد ذاك العمل الشاق غير قادرة على الاعتناء بأطفالي وأسرتي فالتعب ينال مني. وما يزيد الطين بلة هو أن أعمال العتالة دون مقابل، فلا مكافآت ولا إضافي عمل، وأنا بحاجة لهذا العمل فتكاليف العيش أصبحت فوق قدرتنا وبالمقابل لا يوجد بديل، لذلك أطالب الحكومة بتعديل الرواتب فرواتبنا متدنية جداً، فنحن عملياً نعمل دون مقابل».
ختاماً
أسئلة كثيرة طرحها عمال مصنع «عشتار»، لكنها تبقى كالعادة دون جواب، فنحن اليوم أمام إحدى مؤسسات الدولة الناشئة، فكيف يعقل لعامل حكومي أن يعاني هذه المعاناة؟ فإذا كان الموظف التابع لقطاع الدولة غير محمي، فكيف إذاً عمال القطاع الخاص؟ ولمصلحة من هذا الاستغلال؟ وهل فتح باب الفساد على مصرعيه جهاراً نهاراً؟ أسئلة على مؤسسات الدولة المعنية الجواب عليها وإلا فإن حياة العامل في خطر.