الطبقة العاملة بعض من الدور التاريخي
الطبقة العاملة هي تلك المجموعة الكبيرة من الأفراد الذين يتشابهون في جملة من الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، التي تميزهم عن غيرهم من المجموعات الاجتماعية الأخرى المكونة لأي مجتمع، وذلك استناداً إلى موقعها في عملية الإنتاج وعلاقتها بوسائل الإنتاج، وعلى كيفية حصولها على نصيبها من الثروة، حيث أن مجمل أفرادها لا يملكون وسائل الإنتاج مما يضطرهم لبيع قوة عملهم لمن يملك وسائل الإنتاج من الرأسماليين بمقابل أجر معين.
التناقض مع الرأسمالية
وبالتالي فالطبقة العاملة بالإضافة إلى أن قوتها الرئيسية تأتي من العمال الصناعيين المنتجين للسلع، فهي تضم عملياً عمال الخدمات والنقل والمواصلات والعمال الزراعيين والموظفين وعمال المكاتب وغيرهم، الذين تستغلهم الرأسمالية في عملية إنتاج فائض القيمة التراكمي لمصلحتها.
وعلى ذلك فإن الطبقة العاملة تعتبر الطبقة المركزية، اجتماعياً واقتصادياً، المتناقضة مع الرأسماليين خلال مسيرة تطور الصراع الطبقي في المجتمعات، وذلك باعتبارها تتطور وتنمو لتأخذ دورها المحوري في ذلك الصراع عبر تنظيمها وخبرتها النضالية.
حيث أن طبيعة عملية الإنتاج بذاتها تجعلها أكثر تنظيما واتساقاً، مما يكسبها مهارات وخبرات في المجال التنظيمي تمكنها من خوض نضالاتها تجاه مستغليها من الرأسماليين، اعتباراً من النضالات بخصوص الأجر وساعات العمل مروراً بتخفيض الأجور وتكثيف العملية الإنتاجية عبر زيادة تلك الساعات، أو من خلال النضال من أجل الحفاظ على الحقوق المكتسبة، وغيرها من القضايا المطلبية التي تأخذ شكلاً نضالياً لتحقيقها.
كل ذاك النضال يُكسب تلك الطبقة القدرة على الفهم العميق والمباشر للاستغلال الرأسمالي، الذي يجمع أفرادها بظروف معيشية متقاربة، كما وتجمعهم مصالح اقتصادية وسياسية مشتركة، تدفعهم يوماً بعد آخر للنضال ضد الرأسمالية اقتصادياً وسياسياً.
ومن خلال موقعها في عملية الإنتاج فهي تعتبر العنصر الأهم في مجمل العملية الإنتاجية، ما يمنحها الإمكانية نوعاً ما للتحكم بتلك العملية التي يعتمد عليها المجتمع بأسره عملياً، فهي تستطيع أن توقف تلك العملية، كما تستطيع أن تديرها على المستوى الاجتماعي، ما يمنح العمال ذاك الثقل الاقتصادي، والمقدرة على التنظيم، التي تُصقل عبر صهر الخبرات النضالية الجماعية.
الإضراب سلاح أمضى
ولعل سلاح الإضراب عن العمل هو السلاح الأمضى الذي أبرز ذاك الثقل والوزن الاقتصادي للطبقة العاملة في وجه الرأسماليين، فمن خلال هذا السلاح كانت الطبقة العاملة في كل مرة تشرع الأبواب للعمل النضالي، ولتثبت بأنها قوة اجتماعية اقتصادية منظمة، قادرة على فتح أبواب الأمل أمام كافة الفئات والشرائح الاجتماعية الأخرى.
الإمكانات الثورية
فرغم سياسات القمع والإرهاب التي تتعرض لها هذه الطبقة، من خلال أجهزة الدولة شديدة التمركز والتنظيم، إضافة إلى واقع الاستغلال الرأسمالي، فهي تبرهن يوماً بعد آخر بأنها تمتلك تلك الإمكانات الثورية، التي تؤهلها للعب دورها في مواجهة الرأسمالية، المتحالفة عالمياً، ما يدفعها أكثر لفهم ضرورة وأهمية التوحد والتنظيم من أجل خوض النضالات في حركة واحدة مركزية، آخذة بعين الاعتبار تلك الأفكار الرجعية التي تم غرسها على مدى سنين وعقود في عقول الجماهير، وخاصة العمال، من أجل تفرقتهم وبعثرة جهودهم، مع وجود ذاك التفاوت في الوعي والتراث النضالي في القطاعات العمالية المختلفة، حيث نرى بعضها الذي اكتسب تلك الخبرة النضالية والتنظيمية، وبعضها الآخر الذي يفتقد إلى تلك الخبرة وذاك التنظيم، بسبب الظروف الاقتصادية أو حداثة العهد بالعمل المأجور.
أداة تنظيمية
بالمحصلة فإن العمال قادرون على تعلم الدروس النضالية عبر الخبرات المتراكمة، كما من مجمل نضالات الحركة العمالية العالمية، كما أن الطبقة العاملة هي الأقدر عملياً على قيادة الطبقات المستغلة والمقهورة، شرط توفر عنصر التنظيم وأداته الثورية، التي يعبر عنها الحزب السياسي.