من الأرشيف العمالي: العلاقة المتبادلة بين أشكال النضال..
إن جماهير العمال تهتم كثيراً بمطالبها وبتحسين معيشتها، غير أنها بالوقت نفسه تتأثر بالقضايا السياسية والوطنية التي يعيشها وطنها وشعبها، لأن لهذه القضايا السياسية والوطنية التي يعيشها وطنها وشعبها علاقة وثيقة أيضاً بمعيشتها وظروف حياتها، ولها تأثير مباشر على أوضاعها الاقتصادية نفسها.
إن طبقتنا العاملة وجماهير الشغيلة الأخرى تعرف جيداً أن الاستعمار والصهيونية و«إسرائيل» ليست قوى معادية للاستقلال والتقدم والسيادة الوطنيّة فحسب، وليست شردت مليون فلسطيني وطردتهم من ديارهم فقط، وإنما هي تشكل سبباً هاماً لزيادة الضرائب عليها وحرمانها وإفقارها وتشريدها وعرقلة التنمية الاقتصادية لبلدها، وهي أيضاً عامل رئيسيّ في عرقلة العمليّة الثوريّة للتطور نحو الاشتراكية.
وبديهيّ أن كل إهمال من حزبنا للنضال السياسيّ والفكريّ يدع المجال رحباً للتأثيرات السياسيّة والفكريّة البرجوازيّة أو البرجوازيّة الصغيرة، وحتى للتأثيرات الاستعماريّة والرجعيّة أيضاً على أوساط الطبقة العاملة.
والحقيقة أنه لا يجوز معارضة النضال الايديولوجيّ والسياسيّ للطبقة العاملة بالنضال الاقتصاديّ. إن جميع هذه الأشكال الثلاثة معاً تكوّن وحدة مترابطة تؤثر وتتفاعل مع بعضها وتكمل بعضها الآخر.
إن الاقتصار على النضال الاقتصاديّ، ووضع الشعارات المطلبيّة وخصوصاً بعد أن حققت الطبقة العاملة مكاسب كبيرة ومنجزات عظيمة بتأثير قوى سياسية تقدمية لها قواعدها الشعبية، لا يكفيّ وحده، ولا يساعد على التقرب من هذه القوى وجماهيرها وعلى إقناعها بأفضلية حزبنا.
إن طبقتنا العاملة وقد تمرست بالنضال الوطنيّ من أجل الحرية والسيادة والاستقلال ضد الاستعمار وضد مشاريعه الاستعمارية المختلفة، وتمرّست بالنضال ضد البرجوازيّة الكبرى وضد ايديولوجيتها وسياستها وأحزابها ومؤسساتها. وهي تتحلى بحس سياسيّ عال، وإن كل محاولات الاستعمار والرجعية لإبعادها عن المسرح السياسيّ وحصر نضالها وتنظيماتها النقابية في النطاق المطلبيّ، النطاق الاقتصاديّ، باءت بالفشل أمام الوعيّ الطبقيّ والنضال السياسيّ لطبقتنا العاملة.
فقرة من كراس (حول تركيب الحزب الشيوعيّ الطبقيّ)
للرفيق النقابي إبراهيم بكري. 1972