من الأرشيف العمالي : الممانعات الخجولة

من الأرشيف العمالي : الممانعات الخجولة

لقد بيّض التقرير الذي نشره صندوق النقد الدولي حول الاقتصاد الوري وجه الحكومة وأعطاها صك الرضا عن إجراءاتها مما جعل العديد من المسؤولين يتطايرون فرحاً!

ويعملون على نشره وامتداحه وتشكيل لجنة لدراسته، لأن الخطوات التي قامت بها الحكومة «تحرير الأسعار- دفع القطاع الخاص أكثر لزيادة استثماره- إعادة هيكلة للعمالة (الفائضة) تقليص الاستثمار الحكومي ومحاولة التخلص من الشركات والمؤسسات العامة- الاتجاه نحو رفع الدعم الحكومي- الدفع باتجاه الخصخصة»، كل ذلك كان جواز مرور إلى مراكز الاستثمار والإقراض العالمي ووثيقة حسن سلوك يقدمها الصندوق لتلك المراكز عن وضع الاقتصاد السوري وامكانيات الاستثمار فيه كما اعتقد الكثير من المسؤولين. الواضح من جلاء الأمور والمنذرة بالويل والثبور أن هناك ترابطاً ورؤية واضحة لدى أعدائنا في الخارج والداخل ومن مواقعهم الطبقية وبالتوقيت الذي يختارونه الآن لطرح مشاريعهم المختلفة، بحيث تتناغم مع بعضها بعضاً لتؤدي الغرض المطلوب منها. وقد طرحت وصايا الصندوق الدولي إلى جانبها العديد من المشاريع والإعلانات في الداخل والخارج خلال فترات زمنية متقاربة لتتوافق ذات توجه ليبرالي، تخدم قوى السوق وتزيد من بؤر التوتر لتحقيق أهداف أعداء شعبنا الداخليين والخارجيين في وقت واحد، إن كل التجارب التي مرت بها الشعوب والتي تعاملت حكوماتها مع وصايا صندوق النقد والبنك الدولي «مصر- اليمن- دول في أمريكا الجنوبية- دول افريقية» كانت نتيجتها مأساة حقيقية لتلك الشعوب من حيث أوضاعها المعيشية المتدنية جداً نتيجة النهب العالمي الذي مارسته قوى العولمة المتوحشة وغيرها.
إن التقرير في كل فقراته يؤكد التوافق مع السياسة الاقتصادية للحكومة، والنصيحة الأهم التي تقدم بها صندوق النقد للحكومة هي استكمال التحول إلى اقتصاد السوق وزيادة الاندماج بالاقتصاد العالمي. وهذا هو برنامج الليبراليين  الجدد الذين سعوا لتحقيقه وقد نجحوا في ذلك إلى حد بعيد، رغم الممانعة التي تبديها بعض القوى داخل النظام وخارجه لهذا التوجهات، ولكنها ممانعة خجولة وضعيفة، وفي مقدمة تلك القوى نقابات العمال، حيث لا ترقى تلك الممانعة إلى الدفاع الحقيقي عن الاقتصاد الوطني وفي المقدمة قطاع الدولة وهو أساس هام في الصمود الوطني في حال تخليصه من ناهبيه، وهذا ممكن في حال ضرب مرتكزات الفساد الكبرى والتي اغتنت من خلال نهبه.
إن المطلوب الآن من النقابات الكثير ولديها المسؤوليات الكبيرة التي تتطلب أن تتوجه إلى الطبقة العاملة  لاستنهاضها وتعبئتها بروح الدفاع عن الدولة وعن مصالحها باستخدام كل الإمكانات المتوفرة وعلى رأسها حق الاضراب والاعتصام وحق التعبير عن مصالحها دون وصاية من أحد.

من مداخلة الرفيق النقابي عادل ياسين
قاسيون العدد 258 تشرين الأول 2005