الحركة النقابية في ظل الأزمة
الاهتمام بالحركة النقابية منطلق من تقديراتنا لدورها السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي في حماية الحقوق الأساسية للطبقة العاملة السورية الاقتصادية الاجتماعية، خاصةً في ظل الأزمة الراهنة، ويمكن القول إن ثمة عطالة تتلبس الحركة النقابية منذ بداية الأزمة، وهذا ما أرقنا وأقلقنا على الحركة النقابية التي استطاعت، أن تناقش حكومة العطري، والدردري، وصنيعة صندوق النقد الدولي، والمروَّج لأفكار قوى الفساد ومافيات نهب الدولة والمواطن، والانفتاح الاقتصادي، على الغرب، وفق أفكار وتطبيقات الليبرالية الاقتصادية.
لقد مثل المجلس العام، للاتحاد العام لنقابات العمال، موقف الكوادر النقابية التي رأت بالسياسات الاقتصادية الليبرالية الخطر الداهم الذي يهدد الاقتصاد الوطني بمجمله وبالأخص منه القطاع العام الصناعي، وكانت الدعوة مستمرة من الكادر النقابي لمواجهة توجهات الحكومة، والدردري والقوانين الاقتصادية التي صدرت والتي دعمت أي توجه في اقتصاد السوق الحر، وإبعاد الدولة عن التدخل الاقتصادي ثم الاجتماعي، وكان صائباً مواجهة هذه التحولات الاقتصادية الاجتماعية للحكومة، لكن الأزمة الراهنة حدت من الدور المفترض للحركة النقابية رغم ما تعرضت له القطاعات الاقتصادية من تخريب وتدمير، وإغلاق للمؤسسات العامة، وتشريد للعمال وأسرهم، وتسريح آلاف العمال من القطاع الخاص، نتيجة الأزمة.. وعلى هذا النحو، ورغم حجم الكارثة التي لحقت، بالطبقة العاملة، والشعب بأسره.. وعوضاً أن يكون ذلك، محفزاً للحركة النقابية ازدادت جموداً، وعطالةً، حيث نلاحظ بشكل واضح تحول النقابات إلى العمل الضيق المتعلق ببعض المهام كصناديق المساعدة، والخدمات الاجتماعية عموماً؛ بالرغم من طرح بعض الأفكار بين الفينة والأخرى «وعلى سبيل المثال، كيف تدعم الحركة النقابية، موازنة الدولة» بقي هذا التساؤل في موقعه دون إجابة علمية عليه.. علماً بأن مشكلة الفساد، في جهاز الدولة والقطاع العام، والذي ينهب أكثر من 38% موازنة الدولة هو أحد المهام الأساسية التي تواجه القوى الوطنية، ومنها الحركة النقابية هذا الفساد الذي أسهم بشكل كبير في اندلاع الأزمة التي تتعرض لها البلاد، وكان ثمة خجل واضح، من الحديث عن الفساد، والمفسدين في جهاز الدولة!!.
إننا مع الحركة النقابية المعافاة، والقادرة على النضال الوطني والطبقي ومحاربة الفساد، لأنه الخطر الواضح لجهة نهب الدولة والشعب معا، وفي هذا السياق، وبعد مرور ما يقارب الأربع سنوات من عمر الأزمة الوطنية كان من المفترض بالحركة النقابية الدعوة لمؤتمرٍ عام للحركة يجري فيه نقاش موسع لواقع الحركة النقابية ودورها ومساهمتها الفعاله في الدفاع عن الاقتصاد الوطني لجهتين متلازمتين، الأولى الدفاع عن المنشأة، ومراكز الإنتاج من الاعتداءات عليها بالسرقة والتخريب، وهذا كان يحتاج له الاستعداد من بداية الأزمة، حيث كانت الإمكانيات متوفرة وممكنة، والثانية الآن بإعادة تشغيل المعامل والمنشأة وزيادة قدرتها الإنتاجية، ومنع الاعتداء عليها مرةً أخرى تحت دعوى مشاركتها مع القطاع الخاص أو الرأسمال الأجنبي كما هو مطروح الآن في القانون الذي وافقت عليه الحكومةً مؤخراً «قانون التشاركية».
إن الكثير من المهام تنتظر الحركة النقابية، منها المراجعة الجذرية لقوانين العمل على ضوء التجربة في التطبيق لهذه القوانين التي أدت إلى خسائر حقيقية للطبقة العاملة السورية خاصةً عمال القطاع الخاص استنادا لنص الدستور السوري الذي يعطي الإمكانية لإعادة النظر بمجمل القوانين المعمول بها؛ ومنها قوانين العمل.