استمرار تداعيات (الربيع العربي) على العمالة
في تقرير سابق حول التنمية والتشغيل في العالم العربي، تم الكشف عن الأوضاع الاقتصادية للعمال العرب بشكل عام، وفي دول "الربيع العربي" بشكل خاص بعد الاحتجاجات الشعبية الضخمة التي أثرت على الأوضاع الاقتصادية - الاجتماعية للعمال وترتب عليها تزايد المطالبات والمظاهرات الفئوية المطالبة بتحسين أوضاع العمال.
وكشف التقرير الذي نشرته صحيفة "الأهرام الاقتصادي" حينها أن قطاع التشغيل تعرض لهزة عنيفة ما زالت تداعياتها مستمرة حتى اليوم، حيث ارتفعت معدلات البطالة، وانضمت أعداد كبيرة إلي طوابير العاطلين بسبب إغلاق الكثير من المصانع بسبب حالة الانفلات الأمني. وركز التقرير على إصلاح نظام التأمينات الاجتماعية والمعاشات التقاعدية في البلدان العربية، ورفع الحد الأدنى للأجور، ومنع الفصل التعسفي للعمال، وتقوية الإطار النقابي، ودعم دوره في التفاوض والمساومة الجماعية وإعفاء المشروعات الصغيرة والصغرى من الضرائب، وربط الحوافز والمزايا التي تقدم للمشروعات بما توفره من فرص عمل، وبتعبير آخر التزام المشروعات بتشغيل عدد معين من العمال حتى يمكن أن تستفيد من المزايا الضريبية أو غيرها من المزايا، والعمل على تطويع الفن الإنتاجي المستخدم في الصناعات المحلية بما يتلاءم مع ظروف الندرة النسبية لعوامل الإنتاج، وهو ما يعني إعطاء اهتمام لاستخدام أساليب إنتاجية أكثر استخداما للعمل وتشجيع الكيانات الاقتصادية الوطنية المتخصصة في توفير خدمات ضمان الاستثمار التي تحقق الشعور بالأمان لدى المستثمرين، وتشجع على قيام المشروعات الكبرى مما يسهم في تشغيل عاملين جدد، ومن ثم تقليص حجم البطالة.
تطويق الفساد
وطالب معدو التقرير باتباع سياسات اقتصادية جرئية تعمل على تطويق الفساد، ووقف هدر الموارد وسوء التوزيع، وضياع الإيرادات ووضع حد لهدر النفقات العامة، وتوجيهها لتمويل التنمية بدلا من توجيهها لمجالات لا تخدم سوى جماعات ضيقة، وقيام برلمانات حقيقية تراقب المالية العامة، بما في ذلك سياسة الاقتراض المحلي والأجنبي، وتعرف أسباب الاقتراض، وأن تكون للموازنة أهداف لرفع مستوى التنمية، وليست مجرد خانات للإيراد والنفقات، وقيام الجهاز المصرفي بدور أكبر في التنمية العربية، والتخلص من سيطرة السياسة على حركات الائتمان فيما سمي بالائتمان السياسي، والعمل على تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتغيير توجهات العمل في سوق الأوراق المالية، وتحويل البورصات من مضاربة إلى بورصات استثمار، وأن تعمل بشفافية، وإلغاء بيوع المشتقات وتبني سياسة الضرائب التصاعدية على أرباح البورصة، وشمول الرعاية الصحية جميع أبناء المجتمع، من خلال أنظمة فعالة للتأمين الصحي ورفع مستوى التعليم وجودته وتحقيق الهدف منه، بما في ذلك تحسين القدرة على التفكير.
النمو المحابي للفقراء
إن تحقيق هذه الأهداف كان يتطلب من دول "الربيع العربي" رفع معدل النمو الاقتصادي في الدول العربية إلى 7% سنويا على الأقل، خلال الخمسة عشر عاما المقبلة، والتركيز على دعم وتطوير القطاعات الأكثر استيعابا للعمالة، وفي مقدمتها القطاع الزراعي، والصناعي والقطاع غير النظامي في المناطق الحضرية.
وشدد على ضرورة وضع إطار عام للتعاون العربي على المدى القصير، يتضمن الخطوات الأساسية التي يمكن أن تتخذ لتعزيز هذا الاتجاه، وفي مقدمتها دراسة عاجلة لواقع أسواق العمل في الدول العربية في مركز الأحداث، وآثارها على أسواق عمل الدول العربية الأخرى، وتحديد احتياجات كل دولة من تلك الدول من البرامج الطارئة التي تتناسب مع أوضاعها.
وطالب التقرير بضرورة تبني سياسات للاقتصاد الكلي قادرة على دعم التشغيل والحد من الفقر، وتسريع النمو الاقتصادي، عبر تحقيق معدلات نمو مرتفعة لمتوسط الدخل الفردي الحقيقي، وتبني نمط النمو الاقتصادي الكثيف للعمالة، لتحقيق ما يسمى بالنمو المحابي للفقراء.
السؤال الهام الذي لابد من طرحه هو: ماذا تغير بعد نشر هذا التقرير؟ وهل السياسات التي رسمت فيما بعد وضعت لتكون محابية للفقراء؟!.
عن "الأهرام الاقتصادي" بتصرف