نحو المؤتمر الـ 26 للحركة النقابية العمالية:الحركة النقابية العمالية تبعية للسلطة أم حوار معها!!
أكثر من سبعة ملايين عامل سوري في مختلف القطاعات سواء في شركات ومؤسسات القطاع العام والقطاع الخاص أو الوحدات الإدارية والخدمية، في حين يبلغ عدد العمال المنتسبين إلى النقابات العمالية وبالتالي إلى الاتحاد العام لنقابات العمال أقل من 700 ألف عامل في القطاعين العام والخاص.
أقدم حركة:
نعم، الحركة النقابية السورية واحدة من أقدم الحركات النقابية في المنطقة العربية، ودورها البارز في مختلف المحافل العربية والدولية، جعلها في مركز الأحداث، والمتتبع لتاريخ الحركة النقابية السورية يجد أنها لم تكن في يوم من الأيام بمعزل عما يدور من أحداث سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي بل كان لها دورها المشهود في مرحلة التحولات الاقتصادية والسياسية الدولية.
إنجازات ولكن؟
أجل تحققت إنجازات هامة في العقود الماضية الأربعة أدى القطاع العام دوره الريادي في الاقتصاد الوطني، وتمت من خلال الملكية العامة المبادرات الفردية والجماعية في مختلف المجالات وأوجدت في سورية قاعدة صناعية وزراعية منتجة وشبكة واسعة من الخدمات المتنوعة، وقد واكب ذلك صدور تشريعات نقابية عمالية عديدة أبرزها: تمثيل العمال في اللجنة الاقتصادية العليا وفي اللجان الإدارية والمجالس الإنتاجية في شركات ومؤسسات القطاع العام وفي مجلس الشعب وفي جميع الهيئات الأخرى.
المحصلة الآن!
انطلاقاً من ذلك انتفت من الحركة النقابية روح المعارضة والمبادرة، وأصبحت الحركة النقابية ترفع شعاراً حفظ من الأكثرية «نحن والحكومة فريق عمل واحد وفي خندق واحد» وتم الصمت وعبر سنوات طويلة على الفساد، وعلى الإخطاء وعلى نهب المال العام من بعض مدراء ووزراء وشركائهم وتم تحويل النقابات العمالية والمهنية إلى أداة دعم ومؤازرة لكل أداء حكومي، وحتى لو كان ضد مصالح الطبقة العاملة وحقوقها وأداء حكومة العطري الدردري شاهد على ذلك بتبني الاقتصاد الليبرالي، و ضرب القطاع العام و القطاع الزراعي. الانتقاص من الحقوق العمالية المكتسبة أبرزها تعديل قانون العمل في القطاع الخاص ومحاولة تعديل قانون التأمينات الاجتماعية وقوانين أخرى عديدة.
محاولات ولكن؟
أصوات نقابية كانت ترتفع في المؤتمرات ومجالس الاتحاد العام كانت تنذر وتحذر وتطالب ولكنها كانت تخبو وتصمت أمام شراكة غير متكافئة في خندق واحد مع الحكومة أية حكومة كانت، فغدت هناك تبعية للسلطة بدلاً من حوار مع السلطة، بدلاً من اتخاذ مواقف متفاعلة معها المبنية على أساس المشاركة فعلاً بحيوية وديمقراطية.. وقد جلب هذا الموقف الضرر الفادح لا للحركة النقابية العمالية ومكاسبها وحسب، بل جلب أبلغ الضرر للسلطة، للحكومة، للقيادة لأنه عزلها عن الشعب ووضعها في موقف الضعف أمام الخصوم.
مواقف أخرى:
عندما نتحدث عن الارتماء في أحضان السلطة والشراكة والخندق الواحد لا أدعو إلى المعارضة المجردة للحكومة أو للسلطة، وإنما هو دعوة لمقاومة الانحراف عن نهج الحزب التقدمي، لمقاومة الفساد وتجاوز القوانين والوقوف بحزم ضد الانتقاص من حقوق العمال، نعم تنتفي المعارضة من العمال وحركتهم النقابية للسلطة «التقدمية»، ولكن هذا لا يعني الترهل والتكلس ورفع الشعارات وعدم التصدي للفساد وللأساليب المناهضة لحقوق الشعب وحرياته الديمقراطية.
عمال ولكن!
تعترض النقابات على قانون العمل في القطاع الخاص وبعد سجالات طويلة يصدر القانون كما يريده أرباب العمل، وكما تريده الحكومة، وتعترض النقابات على قانون التأمينات الاجتماعية والذي كان سيصدر مع حكومة العطري كما يريده البنك الدولي وصندوق النقد.
سبعة ملايين عامل في سورية، منهم 700 ألف عامل في القطاع العام ينتسبون إلى النقابات العمالية ومن ضمنهم 200 ألف عامل من القطاع الخاص في حين يبقى أكثر من أربع ملايين عامل في القطاع الخاص دون تنظيم نقابي والأكثرية غير مسجلين في التأمينات الاجتماعية.
ماذا ننتظر؟
الوقائع تقول إن متوسط أعمار العمال في القطاع العام 50 ــ 55 عاماً وهذا يعني بعد خمس سنوات من الآن أو أقل سوف تكون هناك قيادات نقابية دون قواعد، قلنا ذلك سابقاً واعتبر حديثنا هذا تجنياً على القيادات النقابية ونكرره الآن ونقول إن من أهم وأبرز عمل للقيادات النقابية العمل في صفوف القطاع الخاص لتنسيب هذه الشريحة الكبيرة إلى النقابات، ومن ثم إلى التأمينات الاجتماعية لضمان حقوقهم. وهذا لم يحدث حتى الآن ولكننا نرفع المذكرات إلى الحكومة وإلى القيادة نشكو ضعف حيلتنا ونقول: إن أرباب العمل ينتهكون القوانين ويسرحون العمال ويأكلون حقوقهم وننتظر الفرج.
ننتظر الفرج من الحكومة أن تلزم أصحاب العمل بتطبيق القوانين لأننا في خندق واحد وشركاء.
وأقول أخيراً إذا لم نعالج الواقع، إذا لم نستدرك ما نحن فيه، إذا لم نرفض أي شكل من أشكال الوصاية على الحركة النقابية سوف تدفع الحركة النقابية الثمن كبيراً.