بصراحة: الشيوعيون.. دور مغيّب في النضال العمالي!!

بصراحة: الشيوعيون.. دور مغيّب في النضال العمالي!!

مع صدور هذا العدد من «قاسيون»، يكون الاجتماع الوطني التاسع للجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين في حال انعقاد، وهذا بحد ذاته حدث لا يمكن أن يمر دون أن نؤكد من خلاله على أهمية أن يعمل الشيوعيون المجتمعون على إيجاد المرتكزات، أو بالأحرى الأدوات الضرورية التي تمكّن من استنهاض الطبقة العاملة السورية من أجل تفعيل دورها الكفاحي في الرد على البرنامج الليبرالي، الذي يشن هجوماً واسعاً على حقوقها ومكتسباتها.. هذه المكتسبات التي تحققت تاريخياً بفعل نضال العمال والحركة النقابية وبدور ريادي للشيوعيين.

لقد استطاع الشيوعيون الأوائل والجيل اللاحق لهم، التأثير في الطبقة العاملة عبر ما كانوا يقومون به من صياغة للمطالب العمالية والنضال من أجل الظفر بها فعلياً، مستخدمين كل الوسائل والأدوات المتاحة من أجل تحقيق ذلك كالإضراب، والمنشور، والاعتصام، والبرامج... فاكتسبوا بذلك عن جدارة، صفة الممثلين الحقيقيين للطبقة العاملة، وتعترف بذلك هذه الطبقة لأنها خبرتهم وعرفت مواقفهم الصلبة في المعارك الكبرى الوطنية والطبقية، ولهذا استحق شيوعيو الأمس هذا التمثيل، وبقي هذا الأثر راسخاً في ذاكرة العمال بالرغم من مرور سنوات طويلة من انقطاع الصلة الحية بين الشيوعيين والطبقة العاملة، فرضتها ظروف عديدة حكمت عمل الشيوعيين التنظيمي والجماهيري، وهو ما حددته اللجنة الوطنية في وثائقها التي أصدرتها منذ أن أعلنت عن رؤيتها السياسية والاقتصادية والتنظيمية، والتي من خلالها جرى تشخيص حالة الحركة الشيوعية (الفصائلية)، بوصفها انعكاساً لما كان يجري عالمياً من حالة تراجع للحركة الشيوعية في مواجهة العدو الطبقي العالمي، الذي استفاد إلى حد بعيد من ذلك التراجع، وشن هجومه الواسع على مكاسب الطبقة العاملة العالمية، فخسرت بذلك الكثير من مكتسباتها وحقوقها على مذبح ذلك التراجع.

والخطير حينها أن الكثيرين كانوا يعتقدون أن الحركة الثورية العالمية كانت في حالة انتصار وتقدم، وهذا يمكن سحبه أيضاً على الحركة الشيوعية السورية التي عانت على مدار عقود من الزمن حالة عصيبة من الصراع الداخلي، كانت تتوج دائماً بانشقاق جديد، وبالتالي إضعاف جديد لدور الشيوعيين الذي لعبوه في مراحل سابقة من نضالهم في قيادة الطبقة العاملة، حيث قدموا التضحيات الجسام من أجل ذلك بالتشرد والسجن وخسران الحياة الطبيعية وغيرها من الأمور غير الإنسانية التي تعرضوا لها.

إنه لمن المؤلم جداً أن الكثير من الشيوعيين ما زالوا يعيشون على نشوة الانتصارات السابقة، ولم يروا بعد أن المرحلة الآن تتطلب أن يقدموا رؤيتهم وخطابهم وأدواتهم التي تمكّنهم من العودة مرة أخرى إلى المواقع التي تبرر وجودهم الحقيقي وتمثيلهم الحقيقي لأكثر طبقات المجتمع السوري فقراً وعوزاً، ولأكثر الطبقات التي لديها استعداد أن تدافع عن حقوقها ومكاسبها، حيث من المفترض أن يلعب الشيوعيون الدور الأساسي في قيادة نضالها الآن، والذي هو جزء من النضال الوطني العام في مواجهة القوى الليبرالية المحلية بحكم أنها بوابة العبور الأساسية لتحقيق المصالح الامبريالية والصهيونية للهيمنة والسيطرة على مقدرات شعوبنا بالقوة العسكرية كونها خيارهم الوحيد للخروج من أزمتهم، وبالمقابل فإن خيارنا وخيار الطبقة العاملة وكل الوطنيين السوريين هو المقاومة، والمقاومة ليست بالسلاح فقط لمجابهة العدو الخارجي، بل ستكون داخلياً وبكل أشكالها الدستورية من خلال ضرب السياسات الليبرالية التي رسخت الفقر والعوز والبطالة، وجذرت النهب بأشكاله الواسعة والكبيرة، التي أعاقت وتعيق النمو المطلوب.. هذا النمو الذي دونه لا يمكن تحقيق متطلبات المواجهة مع العدو الخارجي المهدد لأوطاننا في كل لحظة، ولا يمكن تحقيق متطلبات الشعب السوري إلا بأن تكون كرامته محفوظة في وطنه.

إذاً فقوى السوق، وعبر السياسات الليبرالية، تعرف ماذا تريد، وهي تنفذ ما تريد بكل الوسائل والطرق، وبالمقابل لابد للقوى الوطنية وفي مقدمتهم الشيوعيون، أن تكون لهم رؤيتهم الواضحة وأدواتهم التي تمكنهم من استعادة دورهم الوظيفي الذين كانوا يجيدونه ومازالوا يفتقدونه منذ عقود. وحتى يستطيعوا استعادة ذلك الدور الذي يتحملون فيه مسؤولية استثنائية في هذه الظروف المعقدة والمركبة سياسياً واقتصادياً، فإن وحدة الشيوعيين التي لن تتم على الورق وفي الجلسات المغلقة، بل من خلال النضال المشترك وعلى الأرض، هي إحدى الأدوات والروافع لتطوير المواجهة المفتوحة مع قوى السوق داخلياً، وجزء من هذه المواجهة استعادة دور الشيوعيين في قيادة نضال الطبقة العاملة من أجل حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وسوف تقدر لهم الطبقة العاملة وفقراء الوطن ذلك إذا هم عملوا!!