الكلام لعمال مصر
يقول المناضل طه سعد عثمان أحد الرواد الأوائل لقيادات العمال: « لقد برز شكل جديد للنضال في الكفاح العمالي هو لجان المصانع ...فقد كان كل قسم بالمصنع يقوم عماله بانتخاب ممثل لهم في لجنة المندوبين بالمصنع التي هي القيادة اليومية للكفاح في المصنع، وتنتخب لجنة المندوبين بالمصنع من بين أعضائها ممثلاً أو أكثر (حسب حجم المصنع وعدد عماله) ليتولوا العملية النقابية الفرعية بالمصنع، وكانت لجنة المندوبين بالمصنع ترفع إلى مجلس إدارة النقابة مطالب العمال وشكاياتهم وآراءهم ومقترحاتهم في كل ما يهم العمل النقابي والكفاح بالمصنع، وكانت لجنة المندوبين تحمل الى عمال المصنع قرارات مجلس إدارة النقابة..»
باختصار كانت لجنة المندوبين هي همزة الوصل في العمل اليومي بين النقابة وعمال المصنع..ومن لجان مندوبي المصانع تكونت اللجنة العامة للمندوبين والتي أصبحت تلعب الدور الرئيسي في عملية تنظيم وقيادة الحركة الكفاحية العمالية..وحينما قام تحالف الحكومة وأصحاب المصانع واتحاد الصناعات والجهات الادارية بحل نقابة عمال النسيج الميكانيكي في القاهرة وضواحيها كانت لجنة المندوبين العامة هي التي تقود الاضرابات بالمصانع من خلال اجتماعاتها على «القناية الزلط» وفي الحقول المجاورة وفي القرى والعزب ...ولقد حلت لجنة المندوبين العامة مكان النقابة العامة بعد حلها».
كذلك كان مصنع حرير حلوان مصنعاً في قلب الانتفاضة الشعبية في يناير 1977 بفضل شبكة المندوبين النقابيين التي اعتنت قيادات المصنع ببنائها طوال الأعوام السابقة على الانتفاضة..فقد بنوا شبكة أفقية تضم المندوبين النقابيين (من كل قسم وورشة وكل عنبر بالمصنع) في الوردية الواحدة، وشبكة رأسية تضم المندوبين النقابيين وتربط بين الورديات الثلاث بالمصنع (الصباحية والمسائية والليلية).
كذلك فإن الغالبية العظمى من إضرابات العمال المصريين طوال أعوام السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات كانت تتم من خارج النقابات المصنعية الصفراء...كانت معظم هذه الإضرابات تتم بشكل عفوي ويتولى قيادتها لجان عمالية مصنعية من خارج النقابة الرسمية التي كانت تقف ضد اضرابات العمال وتنحاز للإدارة الرأسمالية.
وكذلك فإن نجاح أو فشل النقابة المستقلة لموظفي الضرائب العقارية مرهون بأي مدى يعتني قادة النقابة ومجلس إداراتها ببناء اللجان القاعدية للمندوبين النقابيين بكل محافظة وكل إدارة، وبمدى الترابط والتفاعل بين النقابة المستقلة ولجان المندوبين القاعدية.
اللجان القاعدية العمالية في خضم الحركة العمالية منذ عام 2006 وحتى الآن:
هي التي قادت إضرابات واعتصامات المصانع....كانت تتشكل بشكل عفوي من القيادات الشريفة وسط صفوف العمال....لكن هذا الشكل الرئيسي من أشكال تنظيم الحركة العمالية كان يتشكل عفوياً مع الإضراب ثم يتحلل ويتفكك عقب الإضراب ...يتم بناؤه وقت الأزمة ثم يتبخر عقب انتزاع بعض من مطالب الاضراب.
اللجنة القاعدية المصنعية من المفترض أن تستمر عقب كل إضراب ولا ينتهي عملها مع نهاية الاضراب لأنها رأس الحربة الدائم للإضراب القادم ولكل إضراب.. ينبغي أن تستمر وتوسع صفوفها بمندوبين من كل قسم وورشة وعنبر ووردية ....فاللجنة القاعدية المصنعية هي النواة الرئيسية التي سيخرج منها في لحظة ما وظرف ما النقابة المستقلة.
إن عمل اللجنة القاعدية المصنعية ينبغي أيضا أن يرتكز على النشرة المصنعية، والتي يقوم مندوبين الورش والعنابر بتحريرها وتوزيعها على زملائهم في الأماكن المختلفة...النشرة المصنعية التي ينبغي أن تربط في دعايتها وتحريضها بين المطالب الملحة والمباشرة للمصنع وبين المطالب العامة للطبقة العاملة ككل...لقد أفرزت العديد من المصانع نشرات مصنعية كانت جديرة بالاحترام بين صفوف العمال لكن لأن اللجان المصنعية خضعت للعشوائية وموسمية الاضراب فإن النشرات المصنعية اندثرت معها.
اللجان المصنعية المختلفة هي الوسيلة الوحيدة للترابط والتضامن بين المواقع العمالية المختلفة...لأن إلحاق قيادات كل اضراب عمالي بلجان تضامن المثقفين مع العمال أو بالمنظمات الحقوقية لن يخلق سوى سيطرة المثقفين على حركة الطبقة العاملة ويضعف من ارتباط المواقع العمالية ببعضها ويخلق حالة من الانقسام وسط صفوف العمال.
ينبغي ان يسعى العمال بأنفسهم الى خلق اللجان القاعدية المصنعية فى كل موقع وان يسعى العمال بأنفسهم الى خلق حالة الترابط القاعدي بين هذه اللجان.
لن ينجح العمال في انتزاع مطلب عام مثل «أجور عادلة مع ربطها بالأسعار» إلا من خلال تنظيم أنفسهم وترابط لجانهم المصنعية القاعدية من أسفل..أما الحاق العمل العمالي بنشاط النخب الثقافية والسياسية فإنه لن ينقل سوى أمراض تلك النخب ومشاكلها وصراعاتها الذاتية للقيادات العمالية ويشل حركتهم من أسفل.
ان بناء اللجان العمالية المصنعية من العمال أنفسهم داخل كل مصنع بشكل صبور ودائم ينبغي أن يكون هدف النضال العمالي الأساسي ...قد لا تسمح الظروف بإنشاء نقابة مستقلة لموقع ما لكن في ظل تصاعد حركة ووتيرة الاضراب العمالي فإن بناء لجان قاعدية موقعية أمر ممكن وليس مستحيلا لكثير من المواقع.
وسيكون مدى نجاح كل لجنة عمالية قاعدية بقدر تقدمها على عدة محاور:
1-اتساع مندوبيها بين الأقسام والورش والعنابر المختلفة .
2-خلق نشرة مصنعية أو بيان شهري للمخاطبة الدائمة لجمهور المصنع.
3-الوعي العمالي بالربط بين المطالب المباشرة للمصنع والمطالب العامة للطبقة العاملة والأهداف السياسية العامة.
وعلى المثقف الثوري( إن كان ثورياً حقاً) أن يساعد العامل في البناء القاعدي بالمصنع ,وان يساعده في تحرير وطباعة نشرته المصنعية بدلاً من شده الى نشاطه النخبوي, وأن يذهب إليه في محافظته بدلاً من أن يأتي به لتجمعات النخب المريضة.
• موقع العامل المعاصر مصر