من الأرشيف العمالي : عربة العولمة المتوحشة
أبو فهد أبو فهد

من الأرشيف العمالي : عربة العولمة المتوحشة

في الوقت الذي تطالب فيه القوى الشعبية الكادحة وجميع ذوي الدخل المحدود بردم الهوة الواسعة بين تكاليف المعيشة والأجور على حساب ذوي الأرباح الكبيرة وناهبي قوت الشعب، شهدت البلاد ارتفاعات كبيرة غير مبررة على أسعار السلع ذات الاستخدام الشعبي الواسع

الشيء الذي ينال من كرامة المواطن ويزيد من أعبائه التي لم تعد تحتمل ويضعف مناعة الوطن التي تزداد عليه الضغوط. والتهديدات الأمريكية ــ الصهيونية إلى أقصى مداها مما سيؤدي إلى زيادة التوتر الاجتماعي وهو ما تهدف إليه قوى العدوان الخارجي وامتداداتها في الداخل.
وإذا كنا نحذر دائماً ولا نزال من خطورة الأهداف الكبرى لبرنامج قوى البرجوازية الطفيلية والبرجوازية البيروقراطية الرامي إلى قوننة النهب عبر نهج الخصخصة الزاحف ضد القطاع العام وإضعاف القوى الحية في المجتمع وسد الأفق أمامها اقتصادياً وجر عربة العولمة المتوحشة إلى بلادنا وإخضاع اقتصادنا الوطني إخضاعاً نهائياً للسوق الرأسمالية العالمية، والذي ينعكس سلباً على تطور الإنتاج الوطني بشكل عام، فإننا نناضل إلى جانب جميع القوى الوطنية الخيرة والنظيفة والتي تشاهدها اليوم أكثر من أي وقت مضى لرض الصفوف لتحقيق المهام الوطنية والاجتماعية الاقتصادية والديمقراطية بشكل مترابط دفاعاً عن الوطن وكرامة المواطن.
ومن هنا فإن التصدي لموجة الغلاء الفاحش التي تجتاح البلاد الآن هو عمل وطني وديمقراطي بامتياز، وهو واجب على جميع القوى السياسية الوطنية، والتي من دونه لن تكسب ثقة الشارع ولن تستطيع تعبئة قوى المجتمع على الأرض وتعزيز الوحدة الوطنية لصد المخاطر التي تواجه بلادنا ومنطقتنا، وهذا لا يتطلب فقط الحد من ارتفاعات الأسعار وإعادة النظر بالسياسات الاقتصادية المتبعة، والتي أدت بمجملها إلى إضعاف اقتصادنا الوطني، بل يتطلب أيضاً تلبية مطالب الجماهير واحتياجاتها المادية ورفع الاستغلال عنها وإطلاق الحريات السياسية العامة للشعب الذي لا رهان إلا عليه. إن السياسة الاقتصادية المطلوبة اليوم، يجب أن تستند بقوة على إعادة النظر بالسياسة الأجرية المتبعة التي لم تؤد إلا إلى زيادة الفقير فقراً والغني غنى، وذلك من خلال إعادة النظر بالحد الأدنى للأجور كي يتناسب مع الأسعار التي لا يستفيد من ارتفاعها إلا حفنة قليلة في المجتمع. وتغطية الزيادات على الأجور من الموارد الحقيقية التي يمكن أن توفرها ضريبة عادلة على أصحاب الأرباح ذوي الدخل اللامحدود.
إن الحل العادل للقضية الأجرية سيخلق الظرف المناسب للوصول إلى دخل مجز لصغار الكسبة والفلاحين الفقراء ولكل الكادحين بسواعدهم وأدمغتهم.

فاسيون العدد 234 تشرين الثاني 2004