من الأرشيف العمالي : كي لا يفقد القرار مصداقيته
إذا كانت القرارات في البلدان الرأسمالية المتطورة تعتمد على آراء المختصين ونتائج دراسات مراكز الأبحاث فيها، فإن القرارات في بلدان العالم الثالث غالباً ما تأخذ طابع الارتجال، ولا تأخذ بعين الاعتبار انعكاسات تلك القرارات من الوجهة الاجتماعية والاقتصادية على أوسع شرائح المجتمع فقراً
بداية لابد من التأكيد بأن اتخاذ قرار تنفيذي ما هو إلا عملية سياسية مركبة تعكس مواقف وآراء ومصالح من شارك في اتخاذ هذا القرار أو ذاك.
فمن حيث المبدأ على الجهة الصانعة للقرار الابتعاد عن الارتجالية، وألا يتناقض قرارها مع القرارات والقوانين التي سبقتها، وألا تتناقض مع الدستور طالما هو مازال ساري المفعول وفوق الجميع.
السلطة التنفيذية لدينا غالباً ما وقعت في خطأ الارتجال وعدم الوقوف عند الأثر السلبي لقراراتها على أوسع شرائح المجتمع فقراً. فهي ليست فقط تجاوزت القوانين وأضعفتها، بل استبدلت القوانين بالتعاميم والتوجهات والتعليمات، والتي غالباً وما كانت تأكل الجوانب الإيجابية في القرارات الصادرة وكي نتجنب ما وصلنا إليه اقتصادياً واجتماعياً لابد من رؤية أي قرار قبل إقراره انطلاقاً من علاقته بالمصلحة الوطنية العليا ومدى مساهمة ذلك في تعزيز قدرات البلاد على الأصعدة كافة.
ومن هنا لابد أن تكون جميع القرارات المتعلقة «بالإصلاح والتطوير» منطلقة من اجتياح البلاد والمجتمع، وليس من احتياجات وطلبات الآخرين من التي تتوافق مع مصالحهم قبل كل شيء. فأي إصلاح لا يؤدي الإصلاح في شيء، لأنه يهدد الأمن الاجتماعي في المجتمع بأسره، وأية لافتة ديمقراطية تنتقص من مكاسب الطبقات الفقيرة هي تسويغ للقمع الذي سيتلوها، وبالتالي لا تخدم المصلحة العليا للبلاد، فالإصلاح الحقيقي هو إصلاح شامل سياسي اقتصادي ديمقراطي شامل، خط الفصل فيه الموقف المعادي من قوى السوق والسوء التي تنهب الدولة والمجتمع معاً.
قاسيون العدد 214
كانون الثاني 2004