أبو فهد أبو فهد

من الأرشيف العمالي : من أجل جبهة عريضة لمحاربة النهب والفساد

إن أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى ضعف فاعلية التنظيم النقابي هو أن اتحاد النقابات العمال لم يعد فاعلاً لأنه أصبح جزءاً من السلطة السياسية.

إن شعار ربط الأجور بالأسعار لن يتحقق ما لم تكن الطبقة العاملة قادرة على تحقيقه، وهذا يتطلب أن تكون الطبقة العاملة قوية بما يكفي لفرض مطالبها الأساسية المتمثلة بالعيش الكريم والوقوف في وجه تكالب البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية اللتين تنهبان الدولة والشعب، والطبقة العاملة تدرك جيداً أن إضعاف هاتين البرجوازيتين يقوي الموقف الوطني السوري ويرسخه ويقويها هي، أما ازدياد نفوذهما في البلاد فيؤدي إلى إضعاف الموقف الوطني وإنهائه وإضعافها هي.
إن قطاع الدولة الذي بني بجهد وعرق ودماء الكادحين يراه العمال اليوم يزداد وهناً وضعفاً في كل يوم يمضي، وهم إزاء ذلك لا حول لهم ولا قوة لوقف هذا التدهور لأن التنظيم النقابي أصبح تأثيره ضعيفاً في العمليات الاقتصادية، وما لم يلتفت التنظيم النقابي إلى مصالح العمال بشكل جدي وقوي فالعمال سيفقدون الثقة به نهائياً، وهذا الأمر يتطلب من التنظيم النقابي وقفة انتقادية ذاتية مطولة لدراسة الأسباب التي أدت إلى ما آلت إليه الأمور لأخذ العبر وإصلاح ما تم إفساده، لقد أراد البعض أن يصطاد بالمياه العكرة إذ طالبوا منذ سنوات قليلة بالتعددية النقابية على أساس أن الديمقراطية تتطلب ذلك!!. ونحن نعتقد أن البروجوازية الطفيلية وراء هذا الطرح، وما كان لها أن تتجرأ وتطرحه لولا أنها قد لمست ضعفاً حقيقياً في التنظيم النقابي في دفاعه عن مصالح وحقوق العمال، ومن معرفتهم الأكيدة أن العمال قد بدؤوا يعيشون حالة من الاعتراب إلى حد ما عن تنظيمهم النقابي، ومع ذلك ما الذي تم اتخاذه من تدابير لوقف هذا الخطر الآتي من البرجوازية الطفيلية بإيعاز من سادتهم القابعين وراء المحيط، لا شيء سوى القول إن التنظيم النقابي في سورية ينبغي أن يبقى موحداً.
وهذا الأمر هام ومتفقين عليه لاشك بذلك، ولكنه وحده لا يكفي، فالمطلوب هو اجتثاث كل السلبيات والأخطاء والطفيليات التي علقت بمسيرة التنظيم النقابي، ومن المعروف أنه قد تحول عدد من القادة النقابيين إلى بيرقراطيين لضعفهم أمام الإغرارات التي قدمت إليهم فلم يعد يهمهم إلا زيادة «مكتسباتهم ورفاهيتهم». إننا ندق جرس الإنذار، والوقت لم يمض بعد، وبالإمكان إصلاح ما فسد حتى الآن إذا ما توفرت النية والعزيمة الصادقة لذلك لدى الجميع، ونقولها بصراحة: إن من فسدوا لا خير يرتجى منهم، والمطلوب في المؤتمرات الانتخابية القادمة تقديم النقابيين الشرفاء المؤمنين حقاً بالطبقة العاملة والمستعدين للتفاني في خدمتها. ويجب أن يعلم كل نقابي أنه لا يمثل سوى العمال فقط في مكانه النقابي، وينبغي أن يكون ولاؤه لهم لا لغيرهم.
إن وحدة التنظيم النقابي في سورية استندت باستمرار إلى أهيمة ذلك في النضال الوطني وفي الدفاع عن مصالح العمال، والطبقة العاملة لا تحتاج إلى التعددية النقابية ولكنها تحتاج إلى تطوير النشاط النقابي وتفعيله وتأمين قدر من استقلالية النشاط والعمل النقابي عن إدارات ودوائر الدولة.

قاسيون العدد /141/ آذار 1997.