أبو فهد أبو فهد

من الأرشيف العمالي : خطة المواجهة

تعرضت الليرة السورية خلال الأسابيع الماضية إلى هزة، لم يتبين حتى الآن فيما إذا كانت تعافت منها بشكل نهائي، وإذا حدث ذلك فالسؤال المطروح هو: ما هي ضمانة عدم تكرار الأمر مرة بعد أخرى .

لذلك لا مفر من بحث الأسباب المعيقة للموضوع ومعالجته من أجل توسيع هامش متانة الليرة أمام الهجمات المحتملة اللاحقة لقوى السوق السوداء المرتبطة بالأوساط المالية العالمية التي تدير آليات العولمة المتوحشة بمختلف أشكالها السياسية والعسكرية والمالية.. والمعروف أن أول من سيتأثر هم أصحاب الدخل المحدود وعموم الجماهير الكادحة التي سيهبط مستواها المعاشي.

إن السياسة الأجرية المتبعة والمستندة إلى تمويل الزيادات على رفع الأسعار وخاصة السلع الاستراتيجية مثل المشتقات النفطية سبب رئيسي في زيادة الخلل في التناسب بين الأجور والأرباح، فسياسة كهذه تؤدي بالتدريج إلى تمركز الأرباح في يد قلة قليلة لا مصلحة لها في تطوير الاقتصاد الوطني مما يدفعها إلى تحويل رؤوس أموالها إلى الخارج مما يزيد الضغط على الليرة السورية كما أن الإجراءات الانفتاحية وخاصة في مجال التجارة الخارجية في ظل ضعف معدلات النمو الحقيقية للاقتصاد الوطني المعتمد أصلاً في صادراته بدرجة كبيرة على الصادرات النفطية يزيد من هذا الضغط، وإذا أضفنا إلى ذلك الفوز في الأرباح الهائلة التي تحققها بعض الشركات الخدمية الخاصة في الفترة الأخيرة والتي تقدر شهرياً بمليارات الليرات السورية فسيتبين لنا أن أي حدث طارئ محلي أو إقليمي يمكن أن يكون القشة التي تقصم ظهر البعير.

لذلك يجب معالجة الأسباب العميقة التي تضعف الاقتصاد السوري الوطني وتضعف عمله، وتضعها في أي ظرف طارئ في مهب الريح. إن اقتصاداً قوياً وليرة سورية متينة ضمانة أكيدة لمواجهة ناجحة للمخططات الأمريكية الصهيونية في اقتصادنا لتحويله إلى نقطة ضعف ثابتة يتم الضغط عليها بالتعاون بين قوى السوق المحلية والعالمية وبالتواطؤ مع بعض الأوساط البيروقراطية التي أصبحت لا ترى مصلحتها الطبقية الضيقة إلا في التنازل عن الثوابت الوطنية التي يجمع عليها شعبنا وقواه الوطنية.
إن معالجة الأسباب المباشرة لاهتزاز الليرة السورية أمر هام وملح ولكن الأهم هو معالجة الأسباب العميقة غير المباشرة لسد الثغرة وعدم السماح بتكرار ذلك، لأن خط المواجهة الطويل عبر الاقتصاد الوطني أيضاً.

قاسيون العدد 183 أيلول 2002