من الأرشيف العمالي : السبب الحقيقي
لقد أصبح واضحاً أنه بقدر ما تتمتع القوى المنتجة العاملة بالديمقراطية وبالقدرة على نقد الأخطاء والنواقص والمسؤولين عنها، فإنها تلعب عندئذٍ دوراً كبيراً في تحسين عملية الإنتاج والتصدي للهدر وحماية القطاع العام وتعزيز الاقتصاد الوطني، وبالتالي ينفتح المجال للنضال الناجح في سبيل تحسين أوضاع الجماهير.
وفي ظل واقعنا المعيشي الصعب نقول : إن العمال والفقراء لا يريدون تبريراً، فالحقائق واضحة وضوح الشمس، ولا يتجاهلها إلا المنافق.
إن الأحوال التي وصل إليها عمال الدولة والكثير من الكادحين في القطاع الخاص، لا يوجد لها ما يبررها من قريب أو بعيد. دعونا نبحث... دعونا نفكر قليلاً لعلنا نحصل على بعض (التبريرات).
لو عدنا إلى الوراء عشر سنوات أو عشرين سنة أو أكثر وتساءلنا: ما الذي حصل خلال تلك الفترة؟ كم ارتفعت الرواتب؟ كم زادت الأسعار؟ إن التدقيق في أسعار الحاجات سيبيّن لنا أن أكثر من 90% منها قد ارتفع سعره عشرة أضعاف وما فوق حتى مئة مرة، كما هي الحال بالنسبة للعقارات والسكن، ولنحاول النظر بموضوعية إلى ما قيل حول هذا الموضوع ولنفرض :
أن نسبة السكان بازدياد مستمر.
أن بعض الدول مارست ضغوطاً اقتصادية على بلادنا لأسباب معروفة.
أن نسبة الإنتاج قد تدنت.
فهل كل هذا هو السبب فقط؟ لا شك أن لذلك بعض التأثير، وأن ذلك أسهم في تخفيض القيمة الشرائية لعملتنا بنسبة 50% ولكن لماذا ساءت الأمور أكثر بكثير من هذا؟
الأسباب الحقيقية لا تخفى على الكادحين وهي التي أدت إلى هذا الوضع الصعب، وهي في جوهرها نتيجة ذلك الاستغلال الواسع والمنظّم الذي تمارسه البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية على الشعب والدولة معاً. وجراء ذلك يتحمل الفقراء والكادحون ومنتجو الخيرات المادية هذا العبء القاسي.
إن الأغنياء هم السبب الحقيقي لكل الصعوبات المماثلة أمام بلادنا الآن، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه الفترة العصيبة اقتصادياً واجتماعياً هو : هل أصاب الإفلاس والتدهور دخول أصحاب الملايين؟ وهل نقصت أرباحهم أم زادت؟
والجواب الصريح هو: لقد ازدادت دخولهم أضعافاً مضاعفة. فمن أين جاءت زيادة دخولهم هذه؟!
قاسيون العدد 95 آب 1987