ليست مجرد خريطة!
إيمان الأحمد إيمان الأحمد

ليست مجرد خريطة!

في خطوة باتجاه استعادة السردية الإفريقية ومحاولة لتصحيح الصورة النمطية السائدة منذ قرون، دعا الاتحاد الإفريقي إلى وقف استخدام خريطة «ميركاتور» التي وُضعت في القرن السادس عشر، واعتماد خرائط حديثة تُظهر الحجم الحقيقي لقارة إفريقيا.

الخريطة التي أنشأها الجغرافي جيراردوس ميركاتور عام 1569 لأغراض الملاحة، لكنها شوّهت أحجام القارات حيث أظهرت أمريكا الشمالية وغرينلاند وروسيا أكبر من حجمها الفعلي، وقلّصت إفريقيا وأمريكا الجنوبية.

وأكدت نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، سلمى مليكة حدادي، في حديث لوكالة «رويترز» أن الخريطة رسّخت صورة زائفة عن القارة، وأن إفريقيا ثاني أكبر قارة من حيث المساحة، ويعيش فيها أكثر من مليار نسمة، وأن تصويرها قارة «هامشية» يؤثر في السياسات والإعلام والتعليم.

ثمة رمزية في الخطوة التي وصفها البعض بأنها «بيان سياسي» نحو فهم العالم بطريقة جديدة مبنية على إنصاف دول عالم الجنوب وتبني رؤية مغايرة لرؤية القوى المهيمنة تاريخياً وعدستها، من خلال عدسة جديدة واضحة وأكثر موضوعية تعكس الحقائق على الأرض وتؤكد مكانة قارة إفريقيا كقارة عظيمة ومركزية في العالم وليست مجرد مكان هامشي صغير يحاول الغرب وإعلامه تشويهه.

وقد أطلقت منظمات مدنية حملة «صحّحوا الخريطة» لإلغاء اعتماد خريطة «ميركاتور» وقادت الحملة منظمتا «أفريكا نو فيلتر» و«سبّيك أب أفريكا»، ودعتا إلى اعتماد خرائط أخرى تظهر فيها المساحات الحقيقية للدول والقارات بشكل أدق. وأكدت المديرة التنفيذية لـ«أفريكا نو فيلتر»، موكي ماكورا، أن حجم إفريقيا في الخريطة الحالية «خاطئ». ووصفت الأمر بأنه أطول حملة تضليل عرفها العالم، وشددت على ضرورة إنهائها. بينما قالت الشريكة المؤسسة لـ«سبّيك أب أفريكا»، فارة نداي، إن الخريطة حرمت الأطفال الأفارقة من الاعتزاز بهويتهم منذ سنوات الدراسة الأولى.

بينما بررت نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي تبنّيه للحملة لكونها «تندرج ضمن مساعيه لاستعادة مكانة إفريقيا على الساحة العالمية. وربطها بالنقاشات المتصاعدة حول التعويضات عن الاستعمار والعبودية». وأوضحت أن الاتحاد سيناقش مع الدول الأعضاء خطوات جماعية لدعم خطوته هذه، وسيدعو المنظمات الدولية إلى اعتمادها.

ورغم المشاكل الفنية التي تعانيها الخرائط الأخرى ولكن الحملة أرسلت طلباً رسمياً إلى لجنة الأمم المتحدة للبيانات الجغرافية، وأكد متحدث أممي أن لجنة خبراء ستراجع الطلب قبل اتخاذ القرار.

حظي المطلب الإفريقي بدعم من مناطق أخرى. إذ أعلن نائب رئيس لجنة التعويضات في مجموعة الكاريبي (كاريكوم)، دوربرين أومارد، عن تأييده للخريطة الجديدة، واعتبرها رفضاً لـ«أيديولوجيا القوة والهيمنة» التي فرضتها خريطة «ميركاتور».

يشكك البعض في هذه القضية لأنها رمزية وأن الأولوية يجب أن تكون للمشاكل الملموسة ولكن المؤيدين يرون أن المعركة الرمزية جزء لا يتجزأ من بناء الهوية والكرامة اللازمتين لمعالجة هذه المشاكل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1240