ويسألونك عن الأخلاق!؟

ويسألونك عن الأخلاق!؟

تستوقف المتابع للحدث السوري ظاهرة جديدة على «حيطان» العالم الافتراضي، وفي بعض وسائل الإعلام الأخرى الرسمية، وشبه الرسمية منها خصوصاً، تعزو الأزمة التي نمر بها إلى الجانب الأخلاقي، وتتم الإشارة في هذا السياق إلى دور الأسرة والمؤسسات التربوية..

لاشك أن بعض ما نشهده هي مظاهرغريبة لا تتوافق مع البنية الثقافية والأخلاقية للمجتمع السوري، وطالما هي غريبة فهي مستحدثة، وباعتبار أنها مستحدثة فلها أسبابها.

من قوانين الفيزياء «كل فعل له رد فعل يساويه في الشدة ويعاكسه في الاتجاه»، وربما يفعل هذا القانون فعله في الحقل الاجتماعي أيضاً، وإن كان رد الفعل هنا لايظهر مباشرة، ولكنه يبقى كامناً يتراكم ويتنتظر الفرصة المناسبة ليعبر عن نفسه بشكل ما، وأحياناً بشكل مدمّر وعبثي.. واستناداً إلى الوقائع الملموسة على الأرض، فإن الواقع الاقتصادي الاجتماعي والسياسي في البلاد أنتج فئات واسعة من «المهمشين» وتحديداً بين الفئات الشابة التي سدت في وجهها كل الأبواب: فرص العمل، الزواج، السكن، وتعيش حالة كبت وإحساس مزمن بالحرمان، فتحطمت أحلامها مرة تلو الاخرى مما خلق عندها موضوعياً روح التمرد- الأعمى أحياناً- على الواقع، والذي يتجلى بشحنات انفعالية حادة تجاه المحيط الاجتماعي تفرغ في غير موقعها. ومع تفجر الأزمة ومحاولات استثمارها من قبل وسائل الإعلام ظهرت كل المظاهر المرضية التي «يستغرب» وجودها من يستغرب!؟

بعيداً عن أي تبرير، فإن تفشي مظاهر العنف، ونزعة الثأر والانتقام وانتماءات ما قبل الدولة هي نتائج لمقدمات، وباعتبارها ظواهر مرضية غريبة عن ثقافة الشعب السوري وأخلاقياته، تتطلب جهداً متكاملاً من الجميع، ولكن بالتأكيد لن تحل حلاً جذرياً إلا بمعالجة مقدماتها العميقة، أي بتغيير البيئة الاقتصادية الاجتماعية، وما تخللها من ممارسات تنتهك المقدس، وتتجاوز المحرم، تمسّخ الروح الجماعية، وتسوّق للأنانية الضيقة، تتمترس خلف جهاز الدولة من حيث كونه أداة قمع، وتنتهك حرمته من حيث كونه مؤسسة ناظمة للعلاقات بين الفرد والآخر. أي ان المسألة لا يمكن أن تحل فقط من خلال معزوفة المواعظ والنصح والإرشاد على طريقة «شيوخ الكتاب».