الحرب عمياء يا مرح

الحرب عمياء يا مرح

تطرح الطفلة الصغيرة الجريحة سؤالاً على المسعف «عمو بدي أسألك شغلة؟ عمو هاد حلم ولا بجد؟ تخافيش يا عمو انت بخير ياعمو. طيب عارفة إني بخير بس قلي هذا حلم ولا حقيقة»، يحاول المسعف تهدئتها فيسألها عن اسمها، اسمها مرح.

ليست هذه الطفلة الوحيدة التي بذلت جهداً لا يبذله بشر لتتأكد أن ما يحدث معها ليس سوى مجرد حلم أو خيال أو كابوس ستتخلص منه حالما تستيقظ. بل يعاني كل صاحب ضمير من حالة الرعب لا يتصوره إنسان ولا يمكن أن يحتمله إنسان.
كشفت الصورة التي ضجت بها وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عن حجم الدمار الهائل الذي أصاب مدينة رفح، وبينت الصورة التي التقطت من الجو الدمار الذي لحق بالمدينة على إثر مواصلة العدو لحرب الإبادة التي يشنها ضد غزة وناسها. وكيف حوّلها إلى مدينة منكوبة يفوق الدمار فيها قدرات العقل البشري. فالوضع المأساوي في رفح، تفوق على جميع الصور التي انتشرت سابقاً وحتى تلك التي استعملت فيها تقنية الذكاء الاصطناعي.
يعبّر الناشط الأمريكي جورج لي جونيور خلال عرضه للصورة وصور أخرى: «هذه ليست هيروشيما، وهذا ليس ذكاءً اصطناعياً، إنها مكان أصغر بثلاث مرات من هيروشيما يتعرض الآن لدمار يعادل ستة أضعاف ما حدث هناك» ويتابع شرح فكرته: «مازلنا نتحدث عن الآثار الدائمة لما حصل في هيروشيما حتى يومنا هذا، سواء عن الإشعاع أو الصدمة أو جميع العواقب الأخرى التي تحدث عندما ترتكب مثل هذه الفظائع ضد الناس، وكيف تمتد آثارها إلى الأجيال» «وأنا أتحدث عن الحقيقة الواضحة أمام الجميع بينما يتم تخفيض تمويل التعليم هنا لا يزالون يمولون كل شيء ليتواصل ما يحدث هناك»، ويؤكد« لاحظوا أن علي ألّا أذكر اسم المكان لأنني اذا قلت «غزة»، فسوف يحدث ما تعرفونه جميعا (الحجب)».
وكشفت الفيديوهات المتداولة، آثار الصواريخ التي يستعملها جيش الاحتلال والتي يؤكد ناشطون وصول صداها إلى مصر، بينما كشفت فيديوهات عن تطاير أجساد الفلسطينيين في الهواء بعد تعرضهم للقصف المروّع.
ووفقاً للبيان الذي أصدره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عشية يوم الطفل الفلسطيني، يعاني قطاع غزة من أكبر أزمة يُتم في التاريخ الحديث، حيث فقد أكثر من 39 ألف طفل أحد والديهم أو كليهما في الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، وبينهم نحو17 ألف طفل حرموا من كلا الوالدين. وذكر البيان أن المجاعة وسوء التغذية يهددان حياة الأطفال حيث إن هناك 60 ألف حالة متوقعة من سوء التغذية الحاد، مؤكداً عودة مرض شلل الأطفال إلى القطاع.
الحرب عمياء يا مرح، والتوحش الذي يمارسه الاحتلال ما هو إلا محاولة لتغطية هزيمته ليس فقط أمام الفلسطينيين وأطفالهم بل أمام الضمير البشري.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1221