«خلونا نفرح»
تكثف الصور الكثير من المعاني الكامنة. تنقل صورة منشورة لطفل يحمل لوحة كتب عليها: «خلونا نفرح» في قلب واحدة من التجمعات المتنوعة التي شهدتها مدن سورية مؤخراً رسالة هامة، تتقاطع فيها مع الكلمات البسيطة التي نادى بها شاب في فيديو نشره موقع قاسيون يوم الجمعة 20 من الشهر الحالي والذي جاء مفعماً بأحداث متسارعة.
«لن نسمح للعدو المحتل أن يخرب علينا فرحتنا، فرحة الشعب السوري»، هكذا بدأ الشاب السوري بيانه البسيط والواضح، وجه به رسالة إلى «كل وسائل الإعلام، وكل العالم، أن يخرج المحتل من أرضنا، أرض سورية غير القابلة للمساومة، لن نسمح بالمساومة على شبر واحد من أرضنا». تأتي أهمية هذه المشاهد والتصريحات التي يوثقها الناس وينشرونها على وسائل التواصل بالصوت والصورة، من الدلالات التي تطرحها في لحظة نوعية فارقة من تاريخ سورية الحديث، ومؤثرة في حياة ومصير الشعب السوري كله. ليس فقط لأنها تعبر عن موقف المجتمع السوري عامة من قضاياه الهامة والأساسية ومنها قضيته الوطنية وتحرير أراضيه المحتلة، ولكن من كونها تصدر عن شخصيات بسيطة تنتمي إلى جموع تتشارك القهر والفقر وتواجه مختلف أنواع الدعاية لتغيير مفاهيم كانت أساساً للبنية الوطنية، واستبدالها بطروحات وأوهام سياسية تحاول نخب كثيرة سياسية وإعلامية، خارجية وداخلية، نشرها والترويج لها سواء من خلال طمس الحقائق أو تشويهها بحيث يجري إفراغ الصراع في المنطقة من محتواه الحقيقي، وإقناع الناس بإمكانية التطبيع والمساومة مع عدو استهلك مقدرات البلاد واستنزف خيراتها ودمر جيشها.
تثبت مظاهرات الأهالي الاحتجاجية في بلدات حوض اليرموك ضد العدو الصهيوني مؤخراً رغم استهدافهم بالقمع والرصاص الحي، صحة البوصلة الشعبية. يطالب المتظاهرون السوريون في المنطقة المحتلة بتوقف توغل «الكيان الصهيوني» داخل الأراضي السورية، ورغم معرفتهم بالوضع المتردي بعد تدمير جيش الاحتلال لمقدرات الجيش السوري وعتاده وحالة عدم الاستقرار في البلاد إلا أنهم تنادوا لتجميع الصفوف ومواجهة جيش الاحتلال، وأرسلوا رسائل عديدة تتضمن دعوات لأهالي المنطقة للتوجه إلى قرية معرية التي جرت فيها المظاهرة للتنديد ورفض أي وجود أو انتهاك من قبل الاحتلال الصهيوني للأراضي السورية في حراك وطني صرف، وموقف جامع يرفض تفكيك المجتمع السوري وتشتيت قواه في خلافات ثانوية ليس لهم فيها مصلحة.
تعي الشعوب عدوها الحقيقي. يقول الشهيد المشتبك باسل الأعرج في حديث عن المقاومة الفلسطينية: «لم تكن فلسطين فردوساً لأهلها، لكن فقراءها دافعوا عنها وكأنها الفردوس». تتشابه خيارات الشعوب أمام الأخطار التي تواجهها. ويدفع الفقراء دائماً ضريبة التحرر والانعتاق ولكنهم دائماً أيضاً يربحون المعركة وينتصرون.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1206