وشهد شاهد من أهله
نشر جيف بيزوس مالك صحيفة «واشنطن بوست» مقالاً بعد أن كشف استطلاع مؤسّسة «غالوب» لهذا العام عن هبوط الإعلام وتراجعه، يقول فيه: «في الاستطلاعات العامّة السنوية حول الثقة والسمعة، ينحدر الصحافيون ووسائل الإعلام في الولايات المتحدة بانتظام نحو القاع، ومُعظم الناس يرون أنّ وسائل الإعلام الأمريكية مُتحيّزة».
ويتابع بيزوس في مقاله: «إنّ أيّ تجاهل لهذا الأمر ليس سوى دلالة على أنّ المتجاهل لا يُولي اهتماماً بالواقع، وأولئك الذين يُحاربون الواقع يخسرون دائماً، لأنّه بطل لا يُهزم». لم يصدر اعتراف بيزوس هذا في سياق حرصه على «حرية الرأي والتعبير والديمقراطية الأمريكية» الوهمية والمزيفة والتي يعرفها هو أكثر من أي شخص آخر، ويعرف حجم الكذب والزيف فيما يُنتجه ويُصدره هذا الإعلام، الموجه والمتحكم به من قبل مموليه وداعميه، والمدافع بطبيعة الحال عن مصالح هؤلاء، وبيزوس هذا واحد منهم، ولكن اعترافه بأزمة الإعلام الأمريكي والغربي العميقة ناتجة عن تخوفاته على الدور الوظيفي للإعلام، باعتباره جزءاً من المنظومة الإمبريالية الغربية، وواحداً من أهم أدوات الهيمنة بسبب تأثيره المباشر على المجتمع وعلى إمكانية التحكم فيه.
ثمة توجس وخشية من تراجع وظيفة الإعلام وانحسار إسهامه وقدرته على ضبط المجتمع وترسيخ منظومة الهيمنة فيه عند النخب الحاكمة في الغرب، وهو ما يدفع أشخاصاً فاعلين للتحريض على توحيد الجهود الرامية إلى استعادة الثقة في وسائل الإعلام. يؤكد بيزوس: «أنه من السهل إلقاء اللوم على الآخرين بسبب الانحدار الطويل والمستمرّ لمصداقية الإعلام الأمريكي وانخفاض تأثيره. ومُواجهة هذه الحقيقة من قبل الصحافيين والمؤسّسات الإعلامية، بعقلية الضحية لن يُساعد. وهذا ردّ فعل غير استراتيجي وإنكاري، في وقت يجب العمل فيه بجدّ أكبر بكلّ ما يمكن لزيادة «مصداقيّتنا». فالمهنة الصحافية الآن لا تتمتّعُ بثقة الجمهور إطلاقاً، ومن الواضح أنّ «الإعلام» الذي نقوم به لا يعمل».
ويتابع تشخيصه للمشكلة معترفاً أن الافتقار إلى المصداقية في «واشنطن بوست»، ليس فريداً من نوعه، فحسب تعبيره: «صحف أمريكية زميلتنا لديها المشكلة عينها. وهي مشكلة ليست فقط لوسائل الإعلام، ولكن أيضاً للأمّة، لأن الناس في هذه الحالة من عدم المصداقية، يلجؤون إلى بدائل أخرى كمنشورات وسائل التواصل الاجتماعي...إلخ» وهذا ما لا يريده بيزوس وأصحابه. ويكمل بكل وضوح: «يجب عدم الركون إلى سجلّات فوز صحف مثل «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» بالجوائز، لأنّنا نخاطب أنفسنا بشكل مُتَزايد كشريحة نخبويّة مُحدّدة، مع أنّ الأمر لم يكن على هذا النحو في تسعينيات القرن الماضي، حين كانت تتمتع الصحافة وكذلك الإعلام بنسبة 80% من المصداقية داخل الأسرة الأمريكية». ويؤكد ضرورة الفوز في معركة استعادة دور الإعلام حتى لو «تعيّن علينا مُمارسة قوة جديدة، وهذا ليس بالأمر السهل لكنّ القضية تستحقّ»!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1199