منصة «إكس» وفضيلة «الكذب»!
ثمة قول مأثور عن الفضيلة، مفاده أن أكثر الناس إشارة إلى الفضيلة، هم أكثرهم بعداً عنها. وقد كشفت الحرب على غزة زيف وسائل الإعلام ومنصات التواصل الغربية التي تدعي الموضوعية وحرية التعبير ونشر الحقائق... إلخ، بينما تُستخدم بشكل متزايد لصياغة ونشر الروايات التي تتماشى مع المصالح السياسية لمموليها.
تعتبر منصة «إكس»، تويتر سابقاً، واحدة من أهم هذه الوسائل، فقد أثارت الرئيسة التنفيذية لشركة «إكس»، ليندا ياكارينو، مؤخراً الجدل بعد تعليقاتها على مقال نشرته صحيفة «نيويورك بوست»، حيث علقت ياكارينو على مقال نشرته صحيفة «نيويورك بوست» تحت عنوان «بيب بيب بوم» وصف فيه الانفجارات التي استهدفت لبنان بأنها «عملية لمكافحة الإرهاب»! وقامت ياكارينو بالتعليق برمز تعبيري على شكل نجمة، وسرعان ما انتشر هذا المنشور، إضافة إلى تعليقاتها المؤيدة للكيان الصهيوني، وأدى إلى انتقادات واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة أنها الرئيس التنفيذي لشركة X، وهي منصة محورية في الخطاب السياسي العالمي حسب رأي منتقديها، ولذلك يفترض أن تحمل كلماتها وأفعالها وزناً يتجاوز الرأي الشخصي.
في المقابل، جرى الإبلاغ عن حساب LebanonJets@ مباشرة، ووُضعت علامة على المنشور لمشاركته صورة لطائرة مقاتلة إسرائيلية فوق بيروت وأظهرها بشكل واضح. وسارع كثير من مستخدمي المنصة، إلى الإشارة إلى التباين وازدواجية المعايير في تعامل «إكس» مع المحتوى المتعلق بالاحتلال والمقاومة.
فبينما يتمتع المسؤولون الإسرائيليون بحرية نشر الصور المصمّمة عبر الذكاء الاصطناعي (AI) التي تدعم مواقف الكيان الصهيوني لتعزيز رواياتهم من دون مواجهة أي تدقيق، تُقمع الأصوات المناوئة وتحظر المنصة المستخدمين لمشاركتهم صوراً تنقل الواقع. وثمة دلائل كثيرة لدى المستخدمين لإثبات ذلك، فقد نشر وزير الخارجية «الإسرائيلي»، يسرائيل كاتس، مؤخراً، صورة مُنتجة بواسطة الذكاء الاصطناعي على موقع «إكس» تظهر أمين عام «حزب الله» جالساً في أحد منازل لبنان مع أحد المواطنين، وإلى يساره صاروخ، مع بيان يتهم فيه «حزب الله» باستخدام المدنيين «دروعاً بشرية». وحذّر كاتس في منشوره من أنّ «نصر الله ينشر صواريخ حزب الله في منازل المواطنين اللبنانيين، مستخدماً السكان المدنيين دروعاً بشرية. يجب على أي مدني يعيش بالقرب من أسلحة حزب الله أن يغادر منزله فوراً حفاظاً على سلامته».
يجسد هذا المنشور، كيفية استخدام التكنولوجيا لصياغة روايات «مُقنعة»، فغالباً لا يمكن تمييز الصور المنتجة بواسطة الذكاء الاصطناعي عن الصور الحقيقية، ما يجعلها أدوات قوية للتأثير على المستخدمين الذين باتوا يتساءلون: كيف يمكن للجمهور التمييز بين الحقيقة والتلفيق؟ وكيف يمكن لمنصات مثل «إكس» ضمان عدم تواطئها في نشر المعلومات المضللة؟ وهناك تساؤلات أخرى جدية حول هوية المتحكّم بهذه المنصات والمصالح التي تخدمها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1194