«إحلال» كنضال مشترك
ايمان الأحمد ايمان الأحمد

«إحلال» كنضال مشترك

تؤكد الحياة يوماً بعد آخر ضرورة تقديم مشروع جماعي بديل يمكن أن يخلص البشرية من مجموعة الأزمات التي راكمتها المنظومة الإمبريالية خلال عقود، مشروع ينضوي الناس فيه على اختلافهم ويوحد وجهتهم في سبيل مستقبل أفضل.

لطالما اعتبر النضال الفلسطيني تاريخياً حليفاً وامتداداً للنضالات العالمية في مناطق عديدة من العالم، كما اعتبرت هذه الأخيرة أيضاً حليفاً له، فالنشاط السياسي بالضرورة عمل جماعي، وحيث تتشارك قوى عديدة في العالم بأشكال متشابهة من الاضطهاد خاصة أن الذي يضطهدهم واحد، فيتشاركون لذلك بأهداف وأحلام وطرق مشتركة في النضال.
يستضيف «متحف بو-كاب» في مدينة كيب تاون في جنوب إفريقيا المعرض الفلسطيني «إحلال» Displacement الذي افتتح في آب الماضي ويمتد حتى نهاية آذار 2025 ويتناول موضوع الاستعمار الاستيطاني في فلسطين المحتلة، وتأتي أهميته من كونه أنّه يوثّق بالنص والمحاكاة المصوّرة «أساليب نهب الأرض وكل النشاطات الاستعمارية الاستيطانية في فلسطين منذ أول مستعمرة في عام 1967 حتى يومنا هذا».
يقدم المعرض إضاءة على التاريخ المشترك للبلدَين في النضال ضد نظام الفصل العنصري، ومقاومة الاستعمار الغربي. ويوضح حالات النزوح والتهجير القسري الذي فرضه الاحتلال الصهيوني، في ظل استيلائه على أراضي الفلسطينيين بطرق ممنهجة.
فقد قامت قوات الاحتلال بالالتفاف على القوانين، واستخدام مسميات مختلفة، وتصنيفات عدة للأراضي مثل ما سمي بـِ «أراضي الدولة»، و«مناطق عسكرية مغلقة» و«قواعد عسكرية إسرائيلية» و«مناطق الألغام» و«المحميات الطبيعية» وغيرها. إضافة إلى استغلال مساحة كبيرة من الأراضي المزروعة المحيطة بكل مستعمرة ويضمها إلى المستوطنات. يستعرض المعرض صوراً جويّة ورسومات بيانية للمستعمرات والمحافظات في فترات زمنية مختلفة، ويُظهر حجم توسّع المستعمرات، ويوثق بعض جرائم الاحتلال، ويسلّط الضوء على عدد كبير من قرارات مجلس الأمن الدولي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تدين الاستيطان. ويستند المعرض في توثيقاته إلى مراكز الأبحاث والهيئات الحكومية والهيئات الأهلية مثل «هيئة مقاومة الجدار»، و«مركز أريج»، ومصادر الأمم المتحدة، والتوثيق الميداني.
تم تشييد مبنى «متحف بو-كاب» في منتصف القرن الثامن عشر وكانت هذه المنطقة عبارة عن حيّ للرقيق في مدينة كيب تاون حيث مارس نظام الفصل العنصري «أبارتهايد» على السكان الأصليين للبلاد أشد أنواع التفرقة العنصرية، وفي ستينيات القرن الماضي، أجبر هذا النظام عشرات الآلاف من سكان المنطقة السادسة على النزوح القسري على إثر إعلانها «منطقة بيضاء». يذكر أنّ المنزل الذي يحتضن المتحف، أُعلن نصباً تذكارياً ووطنياً في عام 1965، فيما تأسّس المتحف في عام 1978 ليكون متحفاً للتاريخ الاجتماعي للشعوب.
ليس غريباً، على البلاد التي شهدت نضالات ضد أفظع الأنظمة العنصرية، أن تعيد قراءة ما يحدث منذ عقود في فلسطين تحت الاحتلال الصهيوني.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1192