فلتصغوا جيداً ماذا يريد الفلسطينيون أن يقولوا؟
إيمان الأحمد إيمان الأحمد

فلتصغوا جيداً ماذا يريد الفلسطينيون أن يقولوا؟

لم يكن السؤال عن فلسطين وما يجري فيها حاضراً بقوة وعمق على المستوى الدولي كما هو اليوم. ولم يكن العالم مشغولاً «بما سيقوله الفلسطينيون» بعيداً عن السردية الصهيونية التي جرى تعميمها منذ عقود كما يحدث الآن. تتجاوز نتائج الإصغاء العالمي للصوت الفلسطيني في أبعاده الحدث والظروف الحالية.

على الرغم من أن مشاعر الألم والغضب على مشاهد المجازر البشعة التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، والتواطؤ الرسمي الغربي ومساندته لدولة الاحتلال، يشكلان دافعاً ومحركاً مباشراً لاندلاع الموجة الاحتجاجية الواسعة في الولايات المتحدة وأوربا إلا أنها ليست السبب الوحيد. إن اتساع الاحتجاجات وانتشارها، خاصة بين الفئات الشابة، تتجاوز مسألة رفض الإبادة والتضامن مع غزة فقط، لتشكل خطوة في تعميق الوعي وفهم حالة الترابط والتشابك بين منظومات القمع المحلية في بلدانهم وجامعاتهم وما يحدث على المستوى العالمي، والتقاطع بين النضال من أجل حقوق الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته وأسئلة العدالة التي تطرحها مشكلات يواجهها العالم في مجالات عدة كالاقتصاد والسياسة والثقافة... وغيرها ضمن عالم متغير وتوازن دولي جديد. فما يجري بفلسطين مرتبط بصورة ما بحالة القمع الأمني الممارس على المحتجّين، وبالمصالح الاقتصاديّة لبعض الجامعات واستثمارها في شركات أسلحة مستفيدة من استمرار الاحتلال، ومن هنا تأتي أهمية شعار «إلغاء أو سحب الاستثمارات»، الشعار الأساسي للحركة الاحتجاجية الطلابية.
ثمة أمثلة واضحة يمكن من خلالها فهم المسألة، فالصندوق الوقفي لجامعة ميتشغان مثلاً، يصل إلى ما يقارب 18 مليار دولار، وتشير بعض التقارير إلى أن الثلث، أي 6 مليارات، من بينها مستثمر في شركات ومشاريع مرتبطة بالتصنيع الحربي والأسلحة. وتستثمر جامعة ميتشغان أيضاً في عدد من المشاريع العقاريّة في مدينة ديترويت ذات الأغلبية السوداء، وتقوم بعض هذه المشاريع العقارية تحت شعار «الثورة الحضرية» إلى إخلاء السكّان السود منها في عملية «التهجير بسبب التطوير». وعادة ما تستعين الجامعة بالشرطة لإخلاء السكّان، فالشرطة التي تقمع وتخلي السكّان هي ذاتها التي تستدعيها الجامعة لتقمع وتفضّ مخيمات التضامن مع الفلسطينيين!
ثمة وعي يتنامى إلى مدى التشابك والتداخل بين منظومات القمع وهياكلها المختلفة حول العالم، والإبادة الجماعية في فلسطين ليست مسألة منفصلة عنها، إذ تساهم شبكات المصالح الغربية السياسية والاقتصادية في استمرارها. بهذا المنظور، ترى الحركات الاحتجاجية الطلابية في الغرب أن منظوماتهم المحليّة التي تتواطأ مع حرب الإبادة هي المنظومة ذاتها والتي يخوضون ضدها نضالًا لتوسيع هوامش العدالة في بلدانهم. ويصبح النضال من أجل فلسطين مرتبطاً عضوياً في أوليات هذه الحركات وبرامجها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1179