التمويل الأمريكي لملتقى المدافعين عن حرية الإعلام: سقطة مثقفي وفناني الـ "إن جي أو"
ظللت لأيام أتشكك في نبأ وقوع الموسيقار اللبناني مارسيل خليفة والمطربتان الفلسطينيتان ريم بنا وأمل مرقص، واللبنانية أميمة خليل في فخ الوقوف تحت راية الإمبريالية، كانت الأنباء تتهمهم بالتطبيع، ونظرًا لخطورة الاتهام وتاريخ هذه الأسماء كنت أتخوف من الاتهام، أو بالأحرى أتهرب منه متمنيًا أن يكون مجرد "شائعة".
لم يظل التشكك طويلًا، حيث نقلت وسائل الإعلام خبر حفل أقامته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID، والسفارة الأميركية نفسها، في أحد فنادق العاصمة الأردنية عمان، بمشاركة فرقة إسكندريلا، وخليفة، خليل، البنّا، مرقص، محمد محسن، زاهي وهبي، كمال خليل (مؤسس فرقة بلدنا)، وإبراهيم نصر الله، على هامش ملتقى المدافعين عن حريّة الإعلام في العالم العربي.
إذن، المشاركة لم تقتصر على مطربين ومطربات لطالما تغنوا بالمقاومة ولها، بل شهد المؤتمر وممولوه من الأمريكان الذين لا يزالون يحتلون أرضًا عربية وهم السند الأقوى للاحتلال الصهيوني، حضور ومشاركة أدباء وكتاب عرب، ربما طمعًا في نيل الجوائز العربية الكبرى والتي باتت تشترط معاداة المقاومة والتودد لإسرائيل وأمريكا للحصول على لقب "الفائز". فيما أصاب ريم البنا الجنون وفقدت السيطرة على انفعالاتها بعد انتشار الخبر، فبدلًا من الاعتذار لجمهورها راحت تسب وتلعن الناس التي صنعت نجوميتها، وتصفها بالذباب وعميلي أجهزة الاستخبارات، البنا تتهم الذين يطالبونها بمواصلة الوقوف في صف المقاومة وعدم الوقوع في فخ الإمبريالية بالعمالة للاحتلال، ولم ينقصها سوى أن تقول "هم الذين قبضوا من اليو إس إيد"، عملًا بالمثل القائل "اللي فيها تجيبه فيك".
يتزامن "كشف" مطربي المقاومة وتحولهم لمطربي الإن جي أوز، مع موقف تطبيعي للكاتب اللبناني إلياس خوري، بإجراء الأخير حوارًا عبر الهاتف من نيويورك لجريدة "هآرتس" الصهيونية، ليتأكد لنا أننا في زمن السقوط الثقافي والفني وهو نتيجة طبيعية للسقوط السياسي الذي افتتحته النظم العربية بزيارة الرئيس الراحل أنور السادات للكنيست الإسرائيلي عام 1977.
بالنسبة لفرقة "إسكندريلا"، والتي بنت نجوميتها على مساندة المقاومة والثوار في مصر، وتقف بجانب أي مقاوم عربي، فإن أمامها فرصة للتراجع بخاصة أنها فرقة شابة، وأعرف أن جميع أعضائها من الأنقياء المساندين للحق، والمنتمين لعائلات وأسر لها تاريخ نضالي نفخر به جميعًا، فالاعتذار للجمهور والتعهد بعدم تكرار مثل هذه "الخطايا" وكشف تفاصيل مشاركتهم في المؤتمر سبيل النجاة، أما المكابرة والتبرير فسيدفعان بالفرقة التي سخرت من زائري تل أبيب إلى عقد حفل يومًا ما بعاصمة الاحتلال.
الأمر لا يختلف كثيرا بالنسبة للمطرب محمد محسن، وإن زاد الأخير ببعض الاستفسارات عن علاقاته بعدد من المنظمات التمويلية في مصر والتي لا يزال عليها الكثير من علامات الاستفهام، ويشرف بعضها على حفلاته داخل مصر أو خارجها. ونسأل محسن- الذي سبق أن سارع باتهام زميله محمود وحيد بـ"المرضي عنه أمنيًا" خلال أزمة حفل عيد الفن، وهي تهمة باطلة ويشهد تاريخ وحيد على نفيها- ماذا ستقول عن الوقوف تحت راية التمويل "الأمريكاني" الذي لطخت به يديك في بداية مشوارك الفني؟
يجدر بنا المقارنة بين موقف مثقفينا "المناضلين" وموقف الصديقة كريمة مختار الباحثة السابقة بمركز أحمد بهاء الدين الثقافي بأسيوط، والتي استقالت من عملها فور قبول المركز تمويلاً من مؤسسة "فورد"، Ford Foundation إحدى المنظمات الداعمة للصهيونية. كريمة، والتي كحالنا نحن الشباب في احتياج لرواتبنا المتدنية من وظائفنا، تنازلت عن وظيفتها معتبرة الأمرَ مقايضة على مبادئها، في حين سَالَ لعابُ كبار "فناني المقاومة" للبنكنوت الأخضر والتكريم الإمبريالي.
- زياد وجوليا "أمل باق"..
قال لي الصديق الناقد مصطفى رزق، تعليقًا على خبر سقوط مطربي المقاومة، لم يتبق غير السيدة جوليا بطرس، فقلتُ له "حرام عليك، هي وزياد رحباني الأمل الباقي"، فقال: لذلك أقول عنها السيدة.
المصدر: البداية