الأحزاب والطبقات في الاتحاد السوفييتي /1/
تايه الجمعة تايه الجمعة

الأحزاب والطبقات في الاتحاد السوفييتي /1/

تنتشر مختلف الصور النمطية حول الظاهرة الحزبية أو الأحزاب السياسية، وتتمحور تلك الصور الأكثر شهرة وتداولاً حول التعددية الحزبية والحزب الواحد، التي تغطى عادة بالأساطير الشعبوية والليبرالية التي تروجها وسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية الكبرى حول الأحزاب في المجتمعات الطبقية.

وإذا كان الموضوع متعلقاً بتاريخ ثورة أكتوبر وحزب البلاشفة والاتحاد السوفييتي ولينين وستالين، يزداد الضجيج الإعلامي الفارغ من أجل التأثير بوعي الجمهور وتوجيهه إلى صورة مُشكّلة للأحزاب على قياس وسائل الإعلام ومنظري الرأسمالية. أما الظاهرة الحزبية، فكانت تسير على الأرض خلال صراع شديد في صورة تختلف عن الصورة الكاريكاتيرية التي ينشرها الإعلام الرأسمالي عن الأحزاب.
في العام 1917، كان الصراع بين برامج الأحزاب السياسية على أشده في روسيا القيصرية. فكل الطبقات كانت تشكل أحزابها ومنظماتها التي صنفها الصحفي الأمريكي جون ريد في كتابه الشهير «عشرة أيام هزت العالم». ونورد هنا قائمة بالأحزاب السياسية وبرامجها ومصالحها الطبقية، كيف نشأت وكيف انتهت، كما ذكرها جون ريد في كتابه. لأن التشويش على هذه الظاهرة يتصاعد في الفترة الحالية مع اقتراب الذكرى المئوية لتأسيس الاتحاد السوفييتي وعلاقة ذلك بالصراع الجاري عالمياً.

حزب الكاديت

اسمه الرسمي الحزب الدستوري الديمقراطي، وتغير إلى حزب حرية الشعب بعد الثورة. كان الحزب المؤلف من الليبراليين والملكيين والبرجوازيين ممثلي الطبقات المالكة في ظل الحكم القيصري أضخم الأحزاب التي تنادي بالإصلاح السياسي، وحين اشتعلت ثورة شباط، شكل الكاديت الحكومة المؤقتة الأولى. وفي نيسان أطيح بهذه الحكومة لأنها أيدت علناً أهداف دول الحلفاء الإمبريالية. وبمقدار ما كانت الثورة تأخذ طابعاً اجتماعياً، كان الكاديت يتحولون إلى محافظين. وبعد أن خسر الكاديت شعبيتهم لارتباطهم بحركة كورنيلوف المعادية للثورة، تشكلت «جماعة المتنفذين في المجتمع» والتي شاركت في حكومة كيرينسكي بمناصب وزارية. وانتسب إليهم رجال البنوك والتجار والصناعيون. وكانوا يحاربون السوفييتات بسلاح التنظيم الاقتصادي. من ممثليه ميليوكوف وفينوفير وشاتزكي.

الاشتراكيون الشعبيون «الترودوفيك»

حزب قومي غير كبير عددياً مؤلف من مثقفين حذرين ورؤساء الجمعيات التعاونية وفلاحين محافظين. كانوا يدافعون عن البرجوازية الصغيرة من صغار الموظفين والتجار. هم ورثة «جماعة الشغيلة» في دوما الدولة الرابع. وكان كيرينسكي زعيماً لهم في الدوما حين انفجرت ثورة شباط.
حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي
كان منذ تشكيله حزب الاشتراكيين الماركسيين. وأثناء مؤتمر 1903، انقسم إلى جناحين: البلاشفة «أنصار الأغلبية» المناشفة «أنصار الأقلية». تحول الجناحان إلى حزبين متمايزين يحمل كل منهما تسمية حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي، ويعلنان تمسكهما بالماركسية.

البلاشفة

عرفوا لاحقاً باسم الحزب الشيوعي. تأكيداً لتخليهم عن الاشتراكية المعتدلة والبرلمانية السائدة بين المناشفة. وكانوا ينادون بالانتفاضة الفورية واستيلاء البروليتاريا على السلطة للتعجيل بتحقيق الاشتراكية عن طريق تحويل ملكية الصناعة والأرض والثروات الطبيعية والمؤسسات المالية إلى ملكية عامة جماعية. وكانوا يعبرون عن مصالح عمال الصناعة وفقراء الفلاحين. بعد ثورة 1905، كان البلاشفة أقلية، وتحولوا إلى أغلبية من جديد في أيلول 1917.

المناشفة

يضم تيارات اشتراكية من مختلف الألوان. وكانوا يعتقدون أنه يجب السير بالمجتمع في طريق الاشتراكية عن طريق «التطور الطبيعي». وكان حزباً قومياً. وحزباً للمثقفين الاشتراكيين الذين ينجذبون إلى الطبقات المالكة. من ممثليهم دان وليبر وتسيريتيلي.

المناشفة الأمميون

جناح راديكالي من المناشفة، معارضون لكل تحالف مع الطبقات المالكة، وفي الوقت نفسه لم يرغبوا بقطع الصلة مع المناشفة المحافظين. وكانوا يناهضون ديكتاتورية الطبقة العاملة التي كان البلاشفة ينادون بها. وكان تروتسكي عضواً في هذا الحزب لوقت طويل. ومن زعمائهم مارتوف ومارتينوف.

الأمميون المتحدون

الاشتراكيون الديمقراطيون الأمميون المتحدون. وهم جماعة صغيرة من المثقفين وأنصار العمال والأتباع الشخصيين لمكسيم غوركي. كان برنامجهم بالكاد يتطابق مع المناشفة الأمميين. بفرق وحيد وهو رفضهم للارتباط بأي من الجناحين الرئيسيين. كانوا غير موافقين على تكتيك البلاشفة، لكنهم لم ينسحبوا من الأجهزة السوفييتية. ومن ممثليهم أيضاً كراماروف وافيلوف.

الوحدة

جماعة صغيرة لا أهمية لها. تزعمها بليخانوف. أحد رواد الحركة الاشتراكية الديمقراطية في القرن التاسع عشر وكبير منظريها. وفي عام 1917. أصبح بليخانوف وطنياً متطرفاً محافظاً أكثر من المناشفة. وبعد ثورة أكتوبر، لم يعد لهذه الجماعة أي وجود.

الحزب الاشتراكي الثوري «الايسر»

كان حزباً فلاحياً ثورياً. وحزب المنظمات الإرهابية. انضمت إليه بعد ثورة شباط مجموعات كثيرة بعيدة عن الاشتراكية. وكانوا ينادون بإلغاء الملكية الخاصة للأرض فقط. على أن ينال أصحابها تعويضاً معيناً. وعندما تعاظمت النزعة الثورية عند الفلاحين، اضطر إلى التخلي عن شرط التعويض. وفي خريف 1917. انقسم الحزب إلى جناحين: الاشتراكيون الثوريون اليمينيون والاشتراكيون الثوريون اليساريون. تبنى اليمينيون مواقف المناشفة، وظهروا كممثلين للفلاحين الأغنياء والمثقفين والفئات المتخلفة سياسياً في الأرياف النائية.

الاشتراكيون الثوريون اليساريون

رغم تبنيهم لبرنامج البلاشفة حول ديكتاتورية الطبقة العاملة، فقد كانوا أول الأمر يتبعون بغير خاطر تكتيك البلاشفة الحازم. وبقي ممثلو الحزب في الحكومة السوفييتية يشغلون مناصب وزارية مثل الزراعة. انسحبوا من الحكومة عدة مرات، وعادوا إليها من جديد. وبمقدار ما كان الفلاحون يتركون الاشتراكيين الثوريين اليمينيين، كانت أعداد هذا الحزب في ازدياد حتى تحول إلى حزبٍ فلاحي كبير مؤيد للسلطة السوفييتية منادياً بمصادرة الملكيات العقارية الكبيرة بدون تعويض ووضعها تحت تصرف الفلاحين.

الماكسيماليون

انفصلوا عن حزب الاشتراكيين الثوريين أثناء ثورة 1905 حين كانوا يمثلون حركة فلاحية جبارة تطالب بتطبيق البرنامج الاشتراكي الأقصى على الفور. وفي عام 1917، تحولوا إلى حزب فلاحي فوضوي غير مهم.
«ملاحظة من المحرر: يقصد بالتطور الطبيعي الذي دعا إليه المناشفة، افساح المجال أمام الرأسمالية».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1099