450 عاماً على ولادة وليم شكسبير
د. سليم نزال د. سليم نزال

450 عاماً على ولادة وليم شكسبير

منذ حوالي 200 عام والعالم يحتفل بذكرى ميلاد شكسبير الكاتب الذي قيل بحق ان كتاباته معاصرة لكل زمان ومكان. والسبب في ذلك هو تناوله لقضايا تتعلق بجوهر الإنسان. والقضايا التي تتعلق بجوهر الإنسان مثل الخوف والغضب والحسد... الخ هي ذاتها سواء عاش الإنسان في كهف او في ناطحة سحاب.

عاش شكسبير الذي ولد في بلدة في بلدة ستراتفورد ابون، 52 عاما امضاها في لندن يمثل ويكتب للمسرح في زمن بدايات عصر الريناسانس الأوروبي، الذي كان ثوره بدات مع بترارك الايطالي، وشملت كل شيء على مستوى الادب والفكر واللغة الخ. لقد بلغ تأثيره الى الحد انه بات يقال عن زمنه انه عصر شكسبير. كما قيل انه اكثر كاتب قرأ وما زال يقرأ على مر العصور. كتب شكسبير عشرات المسرحيات مثل الملك لير وهاملت وجوليوس سيزر وروميو جولييت وحلم ليلة صيف وعطيل وتاجر البندقية التي يعتبره الصهاينة عملا ضد السامية... الخ، كما كتب اشعارا رائعة خاصة في ما يعرف ﺑ“السوناتات”.

سيكون تذكارك في أشعاري الرقيقة،

هذه الأشعار التي ستقرؤها عيون لم تخلق بعد؛

والتي سترددها أَلْسُنُ يكون حديثها عنك

حين يكون أحياء عالمنا هذا في عداد الموتى!.

لقد استفاد شكسبير من التاريخ الأوروبي حيث نجح في اعادة بناء وتجسيد الشخصيات التاريخية لتصبح بالفعل شخصيات درامية بكل معنى الكلمة. كانت شخصيات شكسبير تعاني نقصا ما مثل الجشع، ويكون هذا سببا في هلاكها. وحين تدرك هذه الشخصيات حقيقة ما حصل، فانها تواجه نتيجة اعمالها، أي انها شخصيات درامية تواجه مصيرها في اللحظة الاخيرة.

واتيحت لي الفرصة قبل نحو 30 عاما ان أشاهد مسرحية هاملت في مسرح الغلوب في لندن الذي يتخصص بمسرحيات شكسبير من اخراج المخرج المشهور لاعمال شكسبير الراحل اولفيه. كما شاهدت بعض مسرحياته في اوسلو وكذلك العديد من اعماله في السينما حيث كان هناك في اوسلو سينما صغيرة متخصصة بتقديم الافلام المأخوذة عن اعمال كبيرة مثل مسرحيات شكسبير.

لا يمكن للمرء في هذه الكتابة القصيرة ان يذكر الرجل بدون ان يذكر العديد من العبارات التي اضافها الى اللغة الانكليزية. وهي تعابير وما زالت تستخدم في حياتنا اليومية احيانا. منها مثلا تعبيره (ثمة شيء عفن في دولة الدانمارك (من هاملت).

او التعبير الذي بات يستخدم لوصف خيانة صديق لصديقه مثل تعبير جوليوس قيصر في المسرحية التي تحمل ذات الاسم، عندما بدا رجال السينيت الروماني بطعنه التفت ليرى طعنة اعز اصدقاءه بروتس. فقال عبارته الشهيرة (حتى انت يا بروتس!) او تعبير الليدي ماكبث التي اشتركت مع زوجها في قتل الملك الطيب دونكان (حتى كل العطور العربية لا تستطيع ان تذهب برائحة الدم بعيدا!) او التعبير الرائع في مسرحية تاجر البندقية الذي يقول فيه، على المرء الا يثق بشخص لا تحركه الموسيقى ولا يحب الموسيقى!

في مسرحية ماكبث عندما يعلم ماكبث عن موت زوجته ويعرف ان كل شيء خططاه قد انهار!

يبدا ماكبث في لحظة الحوار الداخلي الاخير قبل ان يواجه مصيره:

غدا، وغداً، وغداً،

وكل غد يزحف بهذه الخطى الحقيرة يوماً إثر يوم

حتى المقطع الأخير من الزمن المكتوب،

وإذا كل أماسينا قد أنارت للحمقى المساكين

الطريق إلى الموت والتراب، الا انطفئِ، يا شمعة وجيزة!

ما الحياة إلا ظل يمشي، ممثل مسكين

يتبختر ويستشيط ساعته على المسرح،

ثم لا يسمعه أحد: إنها حكاية

يحكيها معتوه، ملؤها الصخب والعنف،

ولا تعني أي شيء.

 

المصدر: التجديد العربي

آخر تعديل على السبت, 03 أيار 2014 22:45