أدوات السيد «أدولف» غوغل

أدوات السيد «أدولف» غوغل

تتجاوز حدود الهيمنة عند السيد «أدولف» غوغل الحدود السياسة والعسكرية التقليدية. وتصل إلى أكثر من 3 مليارات إنسان حسب إحصائية شهر أيار 2022. أما أشهر أدوات السيد «أدولف» غوغل صاحب شارب «توث براش» الإلكتروني الجديد، فهي سياسية محرك البحث.

أداة الهيمنة والتضليل

وهنا الأداة التي يتحكم عبرها السيد «أدولف» غوغل في الوصول إلى المعلومات الإعلامية والثقافية، وفي الهيمنة على فلاتر الرقابة الإلكترونية وتدفق المعلومات، إذ تظهر المعلومات التي تسمح بها السياسة الأمريكية في النتائج الأولى.
على سبيل المثال، عند البحث عن الضغوطات التي يتعرض لها الكتاب والعلماء الصينيون في الولايات المتحدة «وهي موجودة ويمكن البحث عنها باستخدام محركات البحث البديلة»، تظهر مواد تتهم الصين بأشياء تثير الضحك: الحزب الشيوعي الصيني يهدد الحرية الأكاديمية في الجامعات الأمريكية ولكن الجامعات الأمريكية لن ترضخ للحزب الشيوعي الصيني! وكأن هذا الحزب هو الحزب الحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية. بل وأثيرت ضجة كبيرة حول الموضوع عندما طلبت وزارة الخارجية الأمريكية دراسة «التأثير السلطوي الصيني على الجامعات الأمريكية». بينما كانت هذه المواد التي قدمها السيد «أدولف» غوغل للتغطية على مواد أخرى مثل تعرض الطلاب الصينيين للضغوطات والتوقيف والاستجواب من قبل دوائر الحكومة الأمريكية.
وفي مثال آخر، عند البحث عن فيلم سينمائي صيني أو روسي أو سوفييتي، يتدخل السيد «أدولف» غوغل في خيارات المستخدمين، ليروج لأفلامه هو عن الصين وروسيا والاتحاد السوفييتي. أما عن عدد هذه الأمثلة فهي كثيرة إلى درجة يصعب إحصاؤها. فعند البحث عن أفلام حول معركة ستالينغراد، يقحم السيد «أدولف» غوغل في النتائج فيلماً يمجد الغزاة النازيين في ستالينغراد ويظهرهم بمظهر الضحية، فيقلب بالتالي كل الصورة التاريخية رأساً على عقب.
وكان للسيد «بينيتو» فيسبوك مشاكل مشابهة، فوضع عبارة وإشارة: جهة إعلامية خاضعة لسيطرة ‏الصين، أو جهة إعلامية خاضعة لسيطرة ‏روسيا. وذلك أمام كل منشور يظهر على الصفحات الرسمية لوسائل الإعلام الصينية أو الروسية على منصة فيسبوك الزرقاء شكلاً والسوداء فعلاً.
ويزداد تدخل السيدين «أدولف» غوغل و«بينيتو» فيسبوك في خيارات المستخدمين إذا ما كان الأمر يتعلق بالنصر على الفاشية، فعند البحث عن فيلم سينمائي عن تلك المرحلة، يقحم السيدان الحديثان بين خيارات المستخدمين أفلاماً تمجد الجنود النازيين وتظهرهم كضحايا، بينما يجري تصوير ضحايا النازية كمجرمين. وبشكل خبيث، يتسلل السيد الجديد «أدولف» غوغل إلى الجمهور بهدف الهيمنة، وتضليل العقول والتلاعب بالوعي بمختلف الأساليب.

تقرير صحيفة أمريكية

نشرت جريدة usatoday في وقت سابق تقريراً يتهم غوغل ويوتيوب بتشجيع التطرف وإنشاء خوارزميات تساعد في تجنيد المتطرفين. وبشكل خاص منصة يوتيوب التي صنفت كأكبر منصة تشجع الناس على التطرف من خلال توجيه المستخدمين عبر الخوارزميات إلى محتوى يشجع على التطرف.
وكعادة الإعلام الأمريكي، لم يخرج هذا التقرير من التوصيفات الأمريكية التالية: التطرف، التحريض على الكراهية، التفوق الأبيض، حياة السود... إلخ. ولم يقترب التقرير من جوهر الموضوع الذي يشبه من كان يقف وراء شارب هتلر.

الحياد في الوحل

ومن بعد السيد غوغل، تقف آلاف المواقع الإلكترونية التي قد تبدو محايدة للقارئ، ولكن ادعاء الحياد هذا سرعان ما يغوص في الوحل عند المحطات السياسية المفصلية.
إذا تنتظر جوقة كبيرة من المواقع الإلكترونية إشارة السياسة الأمريكية لتغرد هي في السرب الأمريكي عند اللحظة المناسبة. على سبيل المثال: توجد العشرات من المواقع العربية الخاصة بالأفلام السينمائية، أو عشرات المواقع التجارية أو الإخبارية، وهي ترتبط بالسياسة الأمريكية عن معرفة أو عن جهل «كلاهما سواء». حيث تعتمد هذه المواقع على الإعلانات لجني الأرباح، بينما ترسل شركات الإعلان إلى هذه المواقع «إعلانات سياسية محددة» فهي أمريكية فاشية عند الحديث عن أوكرانيا، وهي صهيونية عند الحديث عن فلسطين وسورية والشعوب العربية. وتظهر هذه الإعلانات للقراء عبر جوقة المواقع الإلكترونية التي تبدو حيادية!
أما الجوقة الثانية، فهي المواقع الإلكترونية التي ترتبط بمحركات البحث، والكلمات السياسية المفتاحية التي تناسب السياسة الأمريكية. إذ ينتظر أصحاب هذه المواقع الفرصة المناسبة للانضمام إلى الجوقة الأمريكية عن طيب خاطر. وما إن تظهر كلمة مفتاحية جديدة حتى تغرد هذه المواقع في وقت واحد وفي اتجاه واحد. على سبيل المثال: ما أن أصبحت الأزمة الأوكرانية ساخنة، نشرت هذه المواقع الرواية الأمريكية. وما إن أصبحت قضية تايوان ساخنة، حتى امتلأت هذه المواقع بالمواد الهجومية ضد الصين.
ويبدو أن هذا القطاع في وسائل الإعلام اختصاص قائم بحد ذاته في أدوات الحرب الإعلامية الحديثة، بل ويؤدي هذا القطاع دور الكتائب والقوات الإعلامية الضاربة. وهنا نتذكر ما قاله رونالد ريغان حول الإعلام: استثمار دولار واحد في المجال الإعلامي أهم من استثمار عشرة دولارات في المجال العسكري.
وتحدث هنا نكتة طريفة، حيث يذهب الأمريكيون بعيداً في هذه اللعبة، إذ يخلقون مواقع إلكترونية بمسحة يسارية أو شيوعية نوعاً ما، ولكن تغرد هذه المواقع في السرب الإمبريالي الأمريكي عند اللحظات الحاسمة. وقد تبدو هذه المواقع صامتة وحيادية مدة عشر سنوات، ولكنها تغرد فجأة بوجه صهيوني فاشي مكشوف.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1081